السبت، 31 مايو 2008

«تسونامي» من الضحك تجتاح الدراما المصريّة


بعد الأعمال التاريخية والسياسية والسير الذاتية، جاء دور الـ«سيت كوم» ليحتل موقع الصدارة في رمضان 2008: نجاح «تامر وشوقية» و«راجل وست ستات»، والإنتاجات البسيطة... دفع بالمنتجين إلى دعم المسلسلات الكوميدية. وموعدنا هذا الموسم مع أشرف عبد الباقي وميمي جمال وطلعت زكريا


عانى أول «سيت كوم» مصري «شباب أونلاين» سنوات طويلة من تجاهل المنتجين لتلك الطريقة الأميركية في تقديم كوميديا سريعة، لا تشترط على المشاهد المتابعة المنتظمة للعمل. ذلك أنّ المسلسل الذي أنتج قبل سبع سنوات تقريباً، عرض حصرياً على قناة mbc، في وقت كانت الفضائيات غائبة عن بيوت المصريين. وهؤلاء لم يكتشفوا «شباب أونلاين»، إلا عندما أعادت بعض القنوات عرضه أخيراً، ليفاجأوا بخالد صالح يظهر ضيف شرف ـــ كان ممثلاً مغموراً حينها ـــ فيما البطولة لأحمد الفيشاوي وبشرى ولقاء الخميسي وشريف حمدي وأمير كرارة، والإخراج لهالة خليل. اللافت أن ثلاثة من الأبطال الخمسة عادوا مرة أخرى إلى هذا النوع من الـ«سيت كوم»، عندما فتحت لهم الأبواب من جديد. لكن لماذا انتشرت هذه الأعمال فجأة، وفتحت لها الأبواب؟ الإجابة أن المسألة لم تحتج سوى إلى منتج جريء، يجازف مرة أخرى بتقديم هذا النوع من المسلسلات. وهو ما فعله المخرج شريف عرفة عندما قرر إنتاج «تامر وشوقية» لأحمد الفيشاوي ومي كساب، ليحيي المشروع الذي أعده عمرو سمير عاطف عام 2001، عندما كان نشاط هذا الأخير يقتصر على كتابة مسلسلات كرتون موجهة للأطفال. وظل مشروعه الكوميدي يتنقل بين شركات الإنتاج حتى وافق عرفة على المغامرة. وعندما نجحت، أطلق عمرو سمير عاطف مشروعه الثاني «راجل وست ستات» الذي اكتسح السوق، وحقق انتشاراً فضائياً غير مسبوق من خلال عرضه على 25 قناة في الموسم نفسه. لهذا، لم يؤجّل الموسم الثاني لرمضان المقبل، فعرض أخيراً. وقريباً ينهي أسد فولادكار إخراج الجزءين الثالث والرابع.
بعد هذه التجربة، أدرك المنتجون مميزات الـ«سيت كوم»: ما دام لديك فكرة جيدة وورشة مؤلفين قادرين على تحويلها إلى حلقات ضاحكة، فإن الخطوات التالية تكون أسهل بكثير من تلك المتبعة في الدراما التقليدية. ذلك أنّ الكلفة الإنتاجية تبقى أقل هنا، لأسباب عدة: أولاً، قلة مواقع التصوير التي لا تزيد عن ثلاثة على أقصى تقدير، بشكل يسمح بإنجاز أكبر قدر من المشاهد في وقت قياسي بسبب عدم تغيير الديكورات. ثانياً، لا تتجاوز مدة الحلقة 26 دقيقة فقط، أي ما يعادل 60 في المئة تقريباً من مدة الحلقة في الدراما التقليدية. وأخيراً، الاعتماد بشكل كبير على وجوه جديدة ونجوم الصف الثاني، بشكل يخفض كثيراً من ميزانية الأجور.
هذا عن المنتجين. أما بالنسبة إلى الفضائيات، فقد اكتشفت أن للـ“سيت كوم» فوائد عدة: فهو أولاً يعوض عن غياب المسلسلات الكوميدية التي أصبحت عملة نادرة في الآونة الأخيرة. ثانياً، لا يأخذ حيزاً كبيراً على خريطة البرامج، ويمكن إعادته أكثر من مرة في اليوم الواحد. والأهم أن الحلقات منفصلة، يمكن للمشاهد متابعتها وقتما يشاء، دون الحاجة إلى معرفة أحداث الحلقة السابقة.
وفي وقت بدأت الفضائيات تلهث وراء هذه الأعمال، راح بعض المنتجين يطلقون مشاريع، بعضها جيد وبعضها الآخر دون المستوى.
لكن ماذا عن المسلسلات المعدة للجمهور في رمضان المقبل؟ البداية مع الجزء الثالث من «راجل وست ستات» الذي تطل فيه الممثلة إنعام الجريتلي بدلاً من الراحلة زيزي مصطفى. وسيؤدي أشرف عبد الباقي لست حلقات دور الجد الذي يظهر بعد غياب. فيما استعان فولادكار بضيوف شرف، بينهم ميرفت أمين وسعد الصغير ودينا وشريف حمدي. وبعض النجوم يظهرون بشخصياتهم الحقيقية كما حدث مع ماجد المهندس وبهاء سلطان في الجزء الأول.
أما «تامر وشوقية» فتجاوز أزمة انسحاب الممثل أحمد مكي، إذ ابتكرت شخصية شقيق تامر الذي يأتي من المجهول، على أن يبرر غياب شخصية هيثم دبور باضطراره إلى السفر في بداية الحلقات. ويبدأ تصوير الجزء الثالث خلال أيام، وكلا المسلسلين لورشة عمرو سمير عاطف التي أنهت أيضاً كتابة مسلسل «العيادة» للمخرجين عمرو عرفة وعمرو قورة، ومن بطولة بسمة وإدوارد وخالد سرحان. ويدور العمل حول ثلاثة أطباء يشتركون في عيادة واحدة رغم اختلاف التخصصات، فينتج عن ذلك مواقف ضاحكة.
وبدأ الفنان الشاب شريف رمزي تصوير «سيت كوم» بعنوان «شريف ونص» بمشاركة التونسية درة وراندا البحيري ومؤمن نور مع المخرج يحيى ممتاز. ويروي المسلسل قصة شاب يعاني البطالة ويعيش مفارقات يومية بحثاً عن وظيفة. كما بدأ المخرج رفعت عزمي تصوير «كوافير أشواق» تأليف هشام هلال ومحمد إسماعيل وشريف بدر الدين. وتقوم ببطولته ميمي جمال في شخصية صاحبة صالون لتصفيف الشعر، تعاني من مواقف ابنها (حسام داغر) وصديقه (أيمن منصور) والمشكلات التي يسببانها لزبونات الصالون.
الا أنّ الـ«سيت كوم» لن يتفرّد بالساحة، إذ يعمل أكثر من مخرج على تنفيذ «ميني كوم»، لحلقات لا تتجاوز مدتها العشر دقائق. وظهرت للمرة الأولى مع مسلسلي «آدم وحوا» و«أحمد إتجوز منى». وقد انتهى شريف حمدي ومنة فضالي من تصوير حلقات «عباس وإيناس» التي تدور حول مواقف تواجه المتزوجين حديثاً. فيما تستعد ورشة «سكريبت» لوليد خيري لتصوير مسلسل «راسين في الحلال» عن شاب تدفعه البطالة للعمل كخاطبة. ويسبب ذلك مشكلات عدة بين الراغبين في الزواج، وخصوصاً إذا علمنا أن صاحب دور الخاطبة هو الفنان الكوميدي طلعت زكريا.


محمد عبد الرحمن


جريدة الأخبار الألكترونية

الأربعاء، 28 مايو 2008

«عصابات» السينما المصرية عادت إلى الساحة!


سلاح جديد اكتشفته شركات الإنتاج في حروبها المتبادلة: احتكار النجوم بطريقة مبتكرة. من محمد حماقي وتيم حسن وأحمد عزّ إلى عادل إمام. لكن مهلاً، فالنجوم راضون ـــ هذه المرّة! ـــ بشروط اللعبة

تشهد السينما المصرية تغيّرات سريعة لم تعرفها على مدار قرن كامل. منذ دخلت الشاشة الفضية إلى الإسكندرية ثم القاهرة، جرت العادة أن تتميّز كل مرحلة بخصائص معيّنة: هناك مرحلة السينما الاستهلاكية قبل حرب أكتوبر وبعدها، وهناك العودة إلى الواقعية في الثمانينيات، ثم سنوات الجدب بعد حرب الخليج، قبل أن تحلّ مرحلة «المضحكون الجدد»... وها هو الوضع يتغيّر اليوم «منذراً» بعودة ظاهرة الاحتكار إلى السينما بعدما كان النجوم الشباب يرفضونها منذ خمس سنوات فقط.الاحتكار الذي ظهر مع بروز محمد هنيدي ورفاقه عام 1998، عاد بسبب عوامل عدة أهمّها الحروب المتبادلة بين شركات الإنتاج... وقد أدّت هذه الحرب إلى «احتكار» كلّ شركة لـ«زمرة» من الممثّلين أصبحوا يكوّنون «عصابةً» أو «فريقاً» التصق اسمهم باسم الشركة المنتجة، لكن بملء إرادتهم هذه المرة!على رغم اتحادهما ضدّ القرارات الأخيرة الصادرة عن نقيب الممثلين أشرف زكي، ما زالت الحرب تحكم علاقة كتلتي التوزيع «الشركة العربية» بقيادة إسعاد يونس من جهة والثلاثي «النصر» و«الماسة» و«أوسكار» بقيادة محمد حسن رمزي من جهة أخرى. هذه الحرب أدّت سابقاً إلى فصل إنتاج كلا الفريقين في دور العرض. وها هما يكتشفان سلاحاً جديداً في المعركة الدائرة بينهما... وهو احتكار النجوم! فكلا الطرفين يملك شاشات عرض بالمئات، ومشروعات كبيرة للتوسع، وإمكانات إنتاج هائلة. لكنّ الأهم هو توافر عدد من النجوم يفي بحاجة تلك الشركات إلى الاستمرار في الاستحواذ على نسبة مرضية من السوق المحلية والسوق الخارجية أيضاً، في ظلّ الأبواب المفتوحة أمام السينما المصرية في الخليج ولبنان.


وقد باتت هذه السينما تعتمد على جيل جديد (أحمد حلمي، وأحمد السقا، وكريم عبد العزيز) قادر على حشد إعجاب غير المصريين الذين أصابهم الملل من بقاء وجوه محددة لسنوات، تعبّر عن السينما المصرية أسوأ تعبير.من جهة أخرى، لم يعد نجوم هذه الأيام كأقرانهم الذين سبقوهم قبل سنوات فقط. أصبحوا أكثر نضجاً وذكاءً، يعرفون «من أين تؤكل الكتف». هكذا، حوّلوا العلاقة بينهم وبين شركات الإنتاج إلى علاقة ندّية لا علاقة احتكار وعقود إذعان. ولهذا، صارت معظم العقود تنصّ على حقّ الممثل بأداء أفلام خارج الشركة المنتجة إذا وافقت هذه الأخيرة. والشركة المنتجة ستوافق بما أنّه ليس في حوزتها خطط أو مشاريع لنجمها الذي سيتحوّل حكماً إلى لاعب كرة يذهب إلى نادٍ آخر على سبيل الإعارة ثم يعود إلى ناديه الأصلي وقتما يشاء.بالتالي لم يكن غريباً توقيع الممثّل الشاب أحمد مكي أخيراً عقد تعاون (خمس سنوات) مع «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع» للمنتجة إسعاد يونس. فالشركة عرفت كيف تستفيد من شخصية «هيثم دبور» التي نجحت بقوّة في «تامر وشوقية». والممثل الشاب يشارك ضيف شرف هذا الموسم في فيلمين كبيرين هما «حسن ومرقص» و«ليلة البيبي دول» إلى جانب بطولته الأولى «إتش دبور» مع «الشركة العربية». بالتالي، كان لا بد من الاستحواذ عليه، مع تقديم عرض يضمن له بطولة فيلم جديد كل عام، ويسمح له باخراج العمل إذا رأى ضرورةً بما أنه مخرج قدّم قبلاً فيلم «الحاسة السابعة». وهنا، لم تنتظر «الشركة العربية» نتائج عرض أفلام مكي الثلاثة خلال حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، فقطعت الطريق باكراً على المنافسين. وإذا فشل مكي، فالعقد بين الطرفين ليس ملزماً.


بمعنى أنّ الشركة غير ملزَمة قانوناً بإنتاج الأفلام الخمسة.والأمر عينه كرّرته إسعاد يونس مع السوري تيم حسن الذي بدأ أخيراً تصوير أول أفلامه في مصر «ميكانو» مع منة شلبي وخالد الصاوي والمخرج محمود كامل. بينما وقّع محمد حماقي عقد تعاون مع الشركة في انتظار سيناريو مناسب يدفعه إلى السينما ليكمل مطاردة منافسه الأول تامر حسني. ولا يمكن تجاهل أنّ «الشركة العربية» تحتكر خدمات كريم عبد العزيز ـــــ أحد خمسة تصنّفهم الصحافة المصرية بالأهم في شباك التذاكر، حيث قدّم كريم مع «الشركة العربية» خمسة أفلام متتالية.على الضفة الأخرى، ضمّ المنتج وائل عبد الله من شركة «أوسكار» الممثل محمود عبد المغني إلى قائمة نجومه التي يترأسها أحمد عز. وهذا الأخير يتعاون مع عبد الله منذ فيلم «ملاكي اسكندرية». وقد منع عبد الله أحمد عزّ من ممارسة أي نشاط فني من دون الرجوع إليه.وداخل شركة «أوسكار» أيضاً، الفنان محمد رجب، والفنانة ياسمين عبد العزيز التي تستعدّ لأوّل بطولة مطلقة في المرحلة المقبلة. علماً بأنّ تلك البطولات تقلّص كثيراً من حضور الفنان، لأنّه يقدّم عملاً واحداً كل عام. لكن الكل راض بقواعد الاحتكار الجديد. شركة «الباتروس» مثلاً تحتكر بعض الممثلين بطريقة غير مباشرة. فهي تتعاون باستمرار مع المخرج خالد يوسف الذي أنهى تصوير رابع أفلامه «الخديعة» لمصلحة «الباتروس»، ومن بين الأفلام الأربعة، ثلاثة شاركت فيها سمية الخشاب وهاني سلامة.أما المنتجان أحمد ومحمد السبكي، فيحتكران جهود الفنانين أصحاب «الجماهيرية الشعبية» مثل محمد سعد عبلة كامل وتامر حسني وحمادة هلال، وكلهم يستمرون في التعاون مع السبكي رغم الانتقادات الفنية الموجهة إليه، لكونه متفرغاً لإدارة الحملات الدعائية ويعرف كيف يفرض أفلامه على السوق والجمهور.الاحتكار غير المباشر وصل أيضاً إلى عادل إمام الذي اشتهر طوال مسيرته الفنية بقدرته الكبيرة على تغيير المنتجين لضمان الحصول على رعاية كبيرة مع كل فيلم جديد. لكنّه في الآونة الأخيرة ترك مفاتيح نشاطه لشركة «غود نيوز غروب» منذ أقنعته بدخول فيلم «عمارة يعقوبيان» ثم أنتجت له «مرجان أحمد مرجان» وأخيراً «حسن ومرقص» بوجود عمر الشريف الذي تقاضى 800 ألف يورو، بينما حصل عادل إمام على 2 مليون دولار.وما دام هناك شركات تدفع، فصمود النجوم أمام الضمانات المالية قد يقلّل كثيراً من مخاطر الاحتكار الذي هربوا منه طويلاً، لكن ما يحدث كل يوم في السينما المصرية أعاد الشريط إلى البداية، ليظل السؤال: هل يستفيد الجمهور والفن السينمائي مما يحدث؟ أم تستفيد الشركات التي تبيع إنتاجها لاحقاً للفضائيات؟ بينما على الجمهور أن يشاهد ما يصله من دون اعتراض.

محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

السبت، 24 مايو 2008

دينا تتدافع عن نفسها


هي بكل تأكيد أكثر الراقصات المصريات إثارة للجدل، حتى لو قورنت برائدات هذا الفن طوال القرن العشرين، ابتداءاً بتحية كاريوكا مرورا بسامية جمال ونجوى فؤاد وغيرهن، فالجدل الذي يثار دائماً حول الفنانة "دينا" مرتبط ببلاغات ومشكلات قضائية، ولا يتعلق كثيراً بالأدوار التي تقدمها على الشاشة أو المكانة التي وصلت لها في عالم الرقص الشرقي حيث تصنف الراقصة رقم واحد بعد اعتزال "فيفي عبده"، ومؤخراً تعرضت "دينا" لأزمة جديدة وعنيفة هذه المرة إذا ما قورنت بأزمة "الرقص في الشارع" التي أحاطت بها قبل عامين تقريبا، فالتهمة هذه المرة كانت الرقص في حفل لطلاب مراهقين في مدرسة ثانوية، الأمر الذي إستدعي تحريك بلاغات ضدها وضد وزير التعليم يسري الجمل وضد إدارة المدرسة الخاصة التي استضافت دينا في الحفل الأزمة الذي أقيم نهاية شهر أبريل الماضي في فندق "الفور سيزون" .

وتحول الأمر إلى قضية سياسية، عندما حرك نواب برلمانيون طلبات إحاطة ضد وزير التعليم إستجابة لحملة شنتها صحيفة "أخبار الحوادث" الحكومية عندما وضعت صورة دينا على غلافها وحولها عشرات المراهقين يتلقطون لها صوراً بعدسات الهاتف الجوال .

دينا من جانبها لم تصمت عكس معظم الأزمات التي مرت بها من قبل، حيث حرصت على المشاركة في برامج وندوات صحفية لتوضيح موقفها، وقالت في إتصال مع "الشرق الأوسط" أنها لم تشعر بالقلق من تلك الإتهامات، كونها اولا تعودت على الهجوم وكأنها تقدم نشاط ضد القانون، كما أن موقفها سليم للغاية فيما يخص الحفل، فهي بحكم قواعد عملها تتلقى "أوردرات" العمل من منظم الحفلات، الذي يقول لها أن لديها "فقرة" في فندق "كذا" في يوم "كذا" دون أن تهتم بمعرفة المضمون، يكفي فقط أن تعرف هل المناسبة حفل زفاف، أم نوع أخر من الحفلات، فهي في كل الحالات تذهب لترقص بدعوة من أصحاب المكان أياً كانوا، بالتالي هي تلقت الدعوة وذهبت وشاركت لمدة عشر دقائق، مفجرة مفاجأة بأنها شاركت في عشرات من حفلات تخرج طلاب الثانوي من قبل، ولم يعترض أحد، كما أن أولياء أمور الطلاب كانوا حاضرين ولم يطالبوا بخروجها، يضاف على ذلك أنها لم ترتد "بدلة رقص" في هذا الحفل تحديداً، لافتة الإنتباه أن الحفل كان في فندق، لا في المدرسة كما حاول البعض الإيحاء بذلك، بالتالي الاتهام يقع على عاتق أصحاب الدعوة، وهي شخصيا غير مسئولة، ولا يمكن أن ترفض دعوة للرقص في حفل تخرج مدرسي كونها لا تعرف قبل الحفل أساساً من الحاضرين فيه، وأكدت أن المحامي "نبيه الوحش" الذي حرك الدعوى ضدها، تفهم موقفها في إتصال أجرته على الهواء مباشرة أثناء وجوده في برنامج "تسعين دقيقة" وأكد أنها لم تعد متهمة .

وكانت إدارة المدرسة قد نفت هي الأخرى مسئوليتها عن وجود راقصة في حفل التخرج، كون الطلاب هما الذين يتفقون مع المنظم ويحددون الأسماء التي ستحي الحفل، وبشكل عام تتنشر في شهري أبريل ومايو حفلات التخرج المدرسي المعروفة بأسم "البروم" والتي تنظمها المدارس الخاصة، ويقوم الطلاب بتمويلها بحضور أولياء الأمور احتفالا بقرب الذهاب إلى الجامعة .

من جهة أخرى أكدت دينا للشرق الأوسط أنها مشغولة حاليا بتمثيل دورها في مسلسل "رمانة ميزان" مع الفنانة "بوسي" حيث تقوم بدور سيدة من حي شعبي تعيش كزوجة ثانية مع زوجها الذي يؤدي دوره "سامي العدل" فيما لم تقرر العودة للسينما كونها تختار بين ثلاثة أفلام معروضة عليها مؤخراً .
وكان أخر أفلامها " عليا الطرب بالتلاتة" قد تعرض لهجوم عنيف وشكلت نقابة الممثلين لجنة للتحقيق مع دينا وسعد الصغير بتهمة الرقص بطريقة تثير الغرائز أمام الجمهور في وسط القاهرة رغبة في جذب المشاهدين للفيلم .

محمد عبد الرحمن

جريدة الشرق الأوسط 23 مايو 2008

الأربعاء، 21 مايو 2008

محمود سعد: هذه حكايتي مع حزب الله!


ما إن أبدى محمود سعد على هواء «البيت بيتك» تعاطفاً مع قوى المعارضة اللبنانية خلال الحوادث الأخيرة، حتى انفتحت أمامه، في الصحافة الرسميّة، أبواب جهنّم... فكيف تهاجم وسائل حكومية برنامجاً يُعرض على تلفزيون الدولة؟ وبماذا يردُّ الإعلامي المصري؟

لسنوات طويلة، ارتاح رجال الأمن في التلفزيون المصري من زحمة البسطاء الذين كان يتوافدون إلى مبنى “ماسبيرو”، في انتظار أيّ مذيع قد يعلن في برنامجه عن قدرته على مساعدة المحتاجين. الظاهرة التي اختفت لفترة، عادت وبقوة خلال العامين الماضيين، مع فارق كبير هو أن المذيع هذه المرة ليس من أبناء التلفزيون. كما أن كل التقارير الصحافية التي رصدت عودة “الغلابة” إلى أبواب “ماسبيرو” أكدت أن هذا المذيع لم يهرب ممن يحتاج إلى مساعدة، كما كان يفعل زملاؤه السابقون... هذه الصورة، على الرغم من إنسانيتها، وعلى الرغم من أنها مرتبطة بنجاح برنامج تلفزيوني على الشاشة الحكومية هو “البيت بيتك”، لم تحم البرنامج ولا مقدّمه محمود سعد من طعنات جاءت كلها من صحف حكومية، بشكل يعكس تخبّطاً لا مثيل له بين وسائل الإعلام التابعة للحكومة المصرية.أن تهاجم الصحف مذيعاً فهذا أمر طبيعي، وخصوصاً إذا كان برنامجه يعرض على شاشة حكومية. وبالتالي، ستتربص به صحف المعارضة، كاشفةً الوسائل التي يتّبعها لتجميل صورة الحكومة. لكن العكس هو ما يحدث مع محمود سعد و“البيت بيتك”. فالصحافي المصري الذي ظلّ مدة طويلة محرراً فنياً مرموقاً، تحوّل إلى حالة إعلامية خاصة. وما الهجوم الذي يشنّ عليه كل فترة سوى دليل على أن الإعلام الرسمي بات “ينقلب على نفسه”، ليقف القارئ والمشاهد حائرين لا يعرفان إن كانت هذه الصحف وتلك البرامج، مع أو ضد الحكومة. أما العالمون ببواطن الأمور، فهم فقط من يرى في تلك الحالة انعكاساً لطبيعة المرحلة التي يعيشها النظام المصري في الوقت الراهن. ذلك أن الصحف الحكومية بقيت ملتزمة طويلاً الخط العام للإعلام الرسمي الذي قاده على مدى عشرين عاماً صفوت الشريف، أقوى وزير إعلام مصري بعد ثورة 23 يوليو. لكن تولّي الشريف رئاسة مجلس الشورى، غيّر كثيراً من قواعد اللعبة، ولم يعد التناغم سيد الموقف في الإعلام الحكومي، على الرغم من أن هذا الإعلام يحتاج إلى الكثير من التكاتف. في أيام الشريف، كان التلفزيون المصري هو السيد دون منافسة، ولم تظهر الأخطار الخارجية إلا في السنوات الأخيرة لولايته. خرج صفوت الشريف من التلفزيون تاركاً مدينة الإنتاج الإعلامي وشركة “نايل سات” وعشرات القنوات التي يجري حالياً التخطيط لإغلاق معظمها. فيما لم يفلح ممدوح البلتاجي، أو الوزير الحالي أنس الفقي، في “لم الشمل”. وبالتالي، بات سهلاً أن نرصد هجوم صحافة الحكومة على تلفزيون الحكومة، وخصوصاً برنامج “البيت بيتك” ومذيعه الأول محمود سعد الذي ينتظره البسطاء يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع. وأخذت صحيفتا “روز اليوسف” و“الجمهورية” مهمة الهجوم على التلفزيون الحكومي، وعلى قطاع الأخبار الذي شهد تطوراً كبيراً لم يرضِ صحافيي الحزب الوطني... وكثيراً ما يلتزم التلفزيون الصمت أمام انتقادات الصحافة الحكومية، منعاً لنشوء “حرب أهلية إعلامية”.أخيراً، شنّت “روز اليوسف” هجوماً حاداً وعنيفاً، وصل حد التجريح الشخصي، على محمود سعد الذي بات من الوجوه الإعلامية التي يحق لها أن تفرض شروطها على جهة الإنتاج. وبات واضحاً ــــ بعد استمرار تعاونه مع شبكة mbc ــــ أن استمراره في “البيت بيتك” يرتبط برغبة منتج البرنامج محمود بركة، أكثر من رغبة سعد في استلام هذه المهمة.أما حملة الهجوم الأخيرة، فكانت بسبب ما رأته “روز اليوسف” مساندة من محمود سعد لـ“حزب الله” والمعارضة في بيروت لدى تناوله الحوادث اللبنانية الأخيرة. ذلك أنه في البرنامج أعلن عن إعجابه بشخصية السيد حسن نصر الله، كما أبدى تعاطفاً مع مطالب قوى المعارضة في لبنان، من دون أن يعلّق عليها سياسياً. إذ حاول فقط نقل آراء الشارع المصري الذي يعدّ البرنامج مرآة له.أداء سعد جاء مغايراً لتامر أمين، المذيع الثاني للبرنامج، والملتزم دائماً خط الحكومة. حتى إن بعض الصحف المستقلة وصفت هذا الأخير بالاستفزازي، لكونه يدافع عن الحكومة أكثر من وزرائها. “روز اليوسف” فتحت ملف محمود سعد وتعجّبت من الحرية التي ينالها، لكونه أحرج مسؤولين عديدين على الهواء من قبل. كما انتقدت “مكافأته” من جانب الوزير أنس الفقي بالظهور معه في “البيت بيتك”، وهو ما عدّته الصحيفة موقفاً ملتبساً لوزير الإعلام، يحتاج إيضاحات... أما سعد، فأكد لـ“الأخبار” أن الحملة الأخيرة ليست “نقداً” بل “شتيمة”، رافضاً التعليق عليها. كما تساءل عن مبررها لدى من يطلقون “الشتائم” ضده.ورفض الإعلامي الذي يقدم فقرة للشكاوى والتبرعات مرتين أسبوعياً، الاتهام بكونه يتجاوز الحدود في حواراته مع الوزراء، مؤكداً أنه يمارس عمله كإعلامي في ظل سقف الحرية المتاح في البرنامج الشهير. وبالتالي، لا يجب أن توجه الانتقادات إليه وحده، ما دام الوزراء أنفسهم لم يشتكوا، “إلا إذا كانت هناك غاية في نفس يعقوب”. واستبعد أن تؤدي الحملة إلى الانتقاص من المساحة المتاحة له داخل “البيت بيتك”، وخصوصاً أنه ما زال يسير على مبدأ استعداده للرحيل في أي وقت، ليس فقط لضمانه وجود عروض بديلة، ولكن لأنه وصل إلى مرحلة من الشهرة والحضور الإعلامي تجعله يرغب، باستمرار، في الحصول على قسط من الراحة.وعن موقفه من “حزب الله” والمعارضة اللبنانية، أكد سعد مجدداً إعجابه بالأمين العام لـ“حزب الله”، مبدياً تعاطفه مع مطالب المعارضة، ورافضاً من جديد الدخول في الزواريب الضيّقة للسياسة اللبنانية.
محمد عبد الرحمن

نقلاً عن جريدة الأخبار اللبنانية.

دينا والوحش


الموقف كان جديداً على المشاهدين الذين اعتادوا متابعة المحامي الشهير نبيه الوحش وهو يهاجم الفن والفنانين في برامج الـ«توك شو»... ليلة أول من أمس، كانت المرة الأولى التي يتراجع فيها «الوحش» أمام «منطق» الراقصة دينا التي اتصلت ببرنامج «تسعين دقيقة»، وأقنعت المحامي الذي كان حاضراً في الاستوديو بالتراجع عن بلاغ كان قد رفعه ضدها. وكان الوحش قد قدم بلاغات للنائب العام ضدّ وزير التعليم بصفته، وإدارة إحدى المدارس الخاصة والراقصة دينا، وذلك لأن الأخيرة شاركت في حفلة تخرج طلاب المرحلة الثانوية في تلك المدرسة، ما اعتبره نبيه الوحش سابقة تستحق العقاب، وخصوصاً بعدما نشرت صحيفة «أخبار الحوادث» على غلافها صورة دينا بملابس الرقص ـــــ كانت أكثر احتشاماً من المعتاد ـــــ وحولها طلاب مراهقون يتسابقون لتصويرها بهواتفهم المحمولة. وهذه الأزمة ليست الأولى التي تتعرض لها دينا، وهي ربما كانت أكثر راقصة مصرية، يسجل اسمها في بلاغات قضائية. لكن الجديد هذه المرة كان اتهامها بأنها «تفسد الجيل الجديد».ثم جاء البرنامج لتخرج دينا عن صمتها، موضحة أنها لم تذهب للحفلة بالصدفة كما ادعى المسؤول عن المدرسة، وأنها استدعيت من المدرسة والطلاب. علماً بأن النجوم يشاركون عادة في حفلات التخرج، لكنها سابقة أن تكون الضيفة راقصة شهيرة.وإذا كان الوحش قد أعلن على الهواء سحبه للبلاغ المقدم ضد دينا، فليس من المتوقع أن يأخذ البلاغ المقدم ضد إدارة المدرسة ووزارة التعليم أي مسار جدي، ذلك أن معظم بلاغات الوحش تنتهى بقرار حفظ التحقيق، وخصوصاً تلك القضايا التي تحظى باهتمام إعلامي أكثر من أي شيء آخر. أما لماذا دعا الطلاب دينا، فالسؤال برسم أولياء أمورهم الذين حضروا الحفلة بصحبة أبنائهم!
نقلاً عن جريدة الاخبار اللبنانية.

الجمعة، 16 مايو 2008

الزحام يفسد الاحتفاليات الفنية المصرية



على كل فنان وصحفي سيتواجد في احتفال ببدء تصوير عمل فني جديد، أن يؤمن على حياته أولاً، النكتة إنتشرت بعدما تكررت في الأونة الأخيرة حالات الزحام الذي يتطور لنزاعات ومشاجرات وتبادل الضرب، ليس في مظاهرة أو ندوة سياسية ساخنة، وإنما في الاحتفال ببدء تصوير أعمال فنية جديدة خصوصا في مجال الدراما، الصورة السلبية التي تحولت لظاهرة يحاول المنتجون معالجتها في المرحلة المقبلة تستحق التوقف والانتباه، لأنها تؤكد حجم العشوائية الذي بات مسيطرا على الإعلام الفني الفضائي، ويمكن القول أن الوصول لتلك الازمة جاء من خلال مسارين، أولهما الزيادة الكبيرة في عدد المحطات الفضائية والصحف الجديدة التي ترسل أحيانا عدة ممثلين لها، سواء بشكل رسمي من أجل حصد المزيد من الأخبار وتشغيل العمالة الزائدة لديها، أو بأن يذهب "أشباه الصحفيين" بحثا عن رقم تلفون نجم أو مشاهدة الممثلين مجانا تحت غطاء الصحافة، لكن عدد الصحفيين الزائد عن الحد يمكن أن يؤدي للزحام، من أين تأتي المشاجرات، من الفضائيات، فحاليا لا توجد قناة فضائية منوعة ليس بها برنامج أخبار فنية، وفيما ينتظر الفنانون حضور قنوات مثل "روتانا" و" دريم" و" أبو ظبي" و" الفضائية المصرية"، تأتي قنوات اخرى لا مجال لذكر أسمائها ولا يعرف عنها أصحاب المكان شيئا، فالمعتاد حاليا ان العاملون في هذا المجال يعرفون موعد الحفل ويأتون دون دعوة، والمسئولون عن الحفل لم يعودوا يجهدوا انفسهم في حشد الحضور الاعلامي، يكفي أن تقول الموعد لثلاثة أشخاص من فضائيات مختلفة قبل موعده بيومين، لتضمن وجود عشر محطات فضائيات على الأقل، ويرتفع العدد أحيانا ودون مبالغة إلى عشرين محطة أيا كان الحدث، فهناك شرائط يجب أن تعبأ، ومهمة عمل يجب أن تتم، ولو فرضنا أن الحد الأدنى لعدد المرافقين لكل كاميرا خمسة أشخاص، فلنتخيل إذن حجم الحضور والكاميرات والميكروفونات في مكان ضيق لا يكون معد من الأصل لاستقبال كل هذا العدد .
هذا عن المسار الأول في تكوين تلك الظاهرة، المسار الثاني ياتي بسبب زيادة النشاط الفني في القاهرة مؤخرا، أو بمعني ادق اتجاه المنتجون للاحتفال بأعمالهم السينمائية والتلفزيونية، فيما كان السائد قبل عدة أعوام فقط هو الاحتفال بعرض بعض الافلام السينمائية، الان منتجو الدراما غيروا افكارهم، بعدما اتجهت لهم أموال الفضائيات العربية وأصبحت الدعاية واجبة لنجوم التلفزيون تماما كنجوم السينما، غير أن الفكرة فقط هي التي تغيرت، التنفيذ كما هو، تجهيز "تورتة" عليها أسم المسلسل، ودعوة الفضائيات لموقع التصوير، لاخذ تصريحات من النجوم، على أن يبق الصحفيون في الاولوية الثانية، مكان غير معد للنشاط الصحفي والاعلامي، عشرين ميكرفون كل واحد منهم يريد التسجيل مع كل فنان عشر دقائق على الاقل، لو فرضنا أن هناك خمس فنانين فقط، مع مراسلين بدون خبرة اخبارية، يسألون عن كل شئ عدا سبب الحفل، بعضهم يجري حوارات صحفية من خلال الميكرفون، أي يكتب ما يقوله النجم لاحقا، فيما يصل للقناة دقيقتين فقط مما قاله الممثل، فكلهم يريدون ملئ الشريط حتى لو كانت طاقة البرنامج لا تحتمل، فلنتخيل اذن حجم الازمة، التي ادت إلى هروب الفنانات مثلما حصل مع "غادة عادل" في افتتاح مسلسل "قلب ميت" وصعود شريف منير على الطاولة لتهدئة الحضور في المسلسل نفسه، وجلوس ميرفت امين في غرفتها تدخل كل قناة لمدة عدة دقائق وتخرج بعدما شعر بطلة مسلسل "طيارة ورق" بالاجهاد وكادت تفقد الوعي، فيما مراسلو الفضائيات في الخارج يتشاجرون على أولوية الدخول، فمعظم هؤلاء لا يعترفون بانهم يمارسون عملا مهنيا، المهم هو التسجيل مع كل الفنانين في وقت قياسي والعودة إلى السيارة للاتجاه إلى حفل فني أخر، لا يفكر أحد منهم على الإطلاق في تصوير الزحام نفسه كخبر يستحق البث، مرة واحدة حدث هذا عندما رفض تامر حسني الكلام مع اي قناة في افتتاح فيلم "عمر وسلمى" وقتها فقط اتحدوا جميعا ضده وصوروا ما حدث، لكن لو قرر الفنان التسجيل مع ثلاث قنوات فقط على سبيل المثال، فكلهم مستعدون للدخول في معركة جسدية من أجل ان يظفر الناجون منها بشرف استضافة هذا الفنان والعودة لمقر القناة بنصر عظيم .
وبين مصوري الفضائيات والصحفيين يقف مصوري الصحف، الذين يعتبرون أنفسهم الأكثر تضررا، فالكاميرات التي تصطف افقيا من أجل لقطة "التورتة" وقطعها بالسكين، تحجب عنها الرؤية، فيما لو وقف المصور أمام الكاميرا، يسمع ما لا يسره، وتبدأ المعركة، وطالما لا يريد المنتجون – خصوصا مدينة الانتاج الاعلامي – صرف بضعة ألوف من أجل اقامة الحفل في فندق، وطالما لن يعود تقليد ارسال الدعوات مسبقا للفضائيات المهمة فقط، سيظل الوضع على ما هو عليه، لكن النتائج قد تتطور، فإذا كانت المشاجرات مستمرة بين المصورين والصحفيين، فمن يكون الضحية في المرات المقبلة ؟


محمد عبد الرحمن


جريدة الشرق الأوسط 16 مايو

بوش «المصري»... زوبعة في 10 دقائق



عشر دقائق فقط هي المدّة التي سمحت بها الإدارة الأميركية لمذيعة قناة «دريم» منى الشاذلي، حتى تحاور فيها الرئيس الأميركي جورج بوش في أول لقاء له مع قناة مصرية خاصة، والثاني بعد تصريحاته للتلفزيون المصري الحكومي عام 2003. عشر دقائق فقط لم يذكر فيها بوش أيّ جديد عن رؤيته لمشاكل الشرق الأوسط، ولا عن علاقة الأميركيين بمصر. وهو ما كان متوقعاً، لأن رئيس أقوى دولة في العالم لن يتنازل عن أجندته الخاصة من أجل عيون قناة مصرية لا يعرف عنها شيئاً. كما أن المدة المسموح بها لا تعطي المذيع ـــــ أيّ مذيع ـــــ القدرة على محاصرة الضيف وإجباره على إطلاق تصريح، يصبح عنواناً لتقارير وكالات الأنباء بعد دقائق من بثّ الحوار.على رغم كلّ ذلك، لم تترك الصحافة المصرية الموالية للحزب الوطني الحاكم الحدث ليمر مرور الكرام («روز اليوسف»، «الجمهورية»...). بعض هذه الصحف التي تتهمها أطراف من المعارضة، بأنها مرتبطة بلجنة السياسات التي يترأسها جمال مبارك، لا تترك أي فرصة لوسائل الإعلام المقروءة أو المرئية حتى تقدّم مادة، قد تتعارض مع سياسات الحزب الحاكم، وخصوصاً اللجنة التي يترأسها نجل الرئيس مبارك. لذا، كان منطقياً أن تتهم «دريم» ومنى الشاذلي بالسعي وراء سبق إعلامي، أسهم في تجميل صورة الرئيس الأميركي أمام الشعب المصري.ولكن لماذا تقف هذه الصحف اليوم ضدّ الرئيس الأميركي؟ الجواب ببساطة يعود إلى أن العلاقة بين الحكومتين اليوم ليست على ما يرام (وخصوصاً بسبب اعتراض أميركا على قمع النظام المصري للحريات في البلاد، وتهميش إدارة بوش للدور المصري في المنطقة لمصلحة الدور السعودي...). بالتالي، لا يمكن السماح لأي رئيس بأن يقول لمنى الشاذلي إن «الديموقراطية في مصر تسير خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء»، وإنه «يتفهم عدم الترحيب بتدخل دول أخرى في شؤون أي دولة. لكن دور أميركا هو مساعدة الديموقراطية في العالم، وخصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر». والمعروف أن أميركا هي الصوت الوحيد حتى الآن الذي يطالب بالإفراج عن أيمن نور، زعيم حزب «الغد». ما يجعل موقف نور نفسه عصيباً، لكون الصحف الحكومية تظهر طلب الإفراج عنه بأنه رغبة أميركية لا «مصرية شعبية». لذا، ترى أنه لا داعي إلى استضافة الرئيس الأميركي الآن.لكن الشاذلي فعلتها، وقالت إن «دريم» تحملت نفقات الرحلة بالكامل، وإن الأميركيين لا يدفعون مقابل ظهور رؤسائهم على الشاشات العربية. غير أن إحدى الصحف الرافضة للحوار («روز اليوسف»)، أطلقت حملة ضد وزير الإعلام المصري أنس الفقي، متنقدة عدم مراقبته نشاط الفضائيات الخاصة في مصر. بل حتى إنها نشرت تقريراً عن مشاركة اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري في رأس مال قناة «دريم». ما دفع بأحمد أنيس، المسؤول عن الاتحاد إلى إطلاق تصريحات نفي عبر وكالة الشرق الأوسط. ومع ذلك، لم تتراجع الصحيفة، متهمة الشاذلي بـ «الجهل والكذب»، لأنها أعلنت أن طلب الحوار لم يرتبط بزيارة بوش للمنطقة، علماً أن موعد الزيارة معروف منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.لكن ماذا عن رأي الناس في «صراع الديوك الإعلامي»؟ صدقية الصحف الحكومية لم تعد كما كانت قبل سنوات، بالتالي لا يزال تأثير حملاتها ضعيفاً. كما أن المشاهد المصري العادي لن يهتم بأن يرى جورج بوش عشر دقائق. من هنا، لفت الحوار الأنظار صوب قناة «دريم»، لكنه لم يزد من شعبية البرنامج الجيدة أصلاً بسبب اهتمامه بالشأن المصري المحلي. ووسط كل هذا السجال، لم يبقَ من تصريحات بوش إلا إجابته عن آخر سؤال عندما قال إن «التاريخ سيذكر له أنه أدرك الخطر الذي يحدق بمنطقة الشرق الأوسط، وأن كل ما فعله طيلة ثماني سنوات هو العمل على مواجهة هذا الخطر»!


جريدة الأخبار اللبنانية 16 مايو

الثلاثاء، 13 مايو 2008

حول كتب المهرجان القومي للسينما المصرية


انتهى المهرجان القومي للسينما المصرية بعد جدل لم يستمر طويلاً حول جوائزة التي راي البعض أنها ذهبت لأفلام صنفت بأنها "ضد الحكومة"، لكن جدل من نوع أخر فرض نفسه على كواليس المهرجان الهادئة دائماً، وكان الأمر يتعلق بطريقة تعامل المهرجان مع المكرمين هذا العام، فيما يخص الكتب الصادرة عنهم، فإذا لم يكن بإمكاننا الربط بين غياب محمود عبد العزيز عن ندوة تكريمه في المهرجان القومي للسينما المصرية وبين مستوى الكتاب الذي صدر عنه بمناسبة هذا التكريم،بعدما تردد أن عذر قهري منع الفنان الكبير عن الحضور، لكن في الوقت نفسه ومع مرور سنوات عديدة على تقليد إصدار كتب عن المكرمين في هذا المهرجان، لابد من التوقف عند المستوى المتذبذب بين هذه الكتب، خصوصاً مع تعرض الممثلين تحديدا للظلم عاماً بعد أخر، صحيح أن طبيعة الممثل تجعل الكلام عنه محصورا في مناقشة أدواره والتحاور معه على صفحات الكتاب، عكس باقي المهن السينمائية الأخرى، لكن هذا لا يمنع من انتقاد مستوى تلك الكتب بسبب وضوح عدم بذل جهد كبير في تحريرها، عكس كتب باقي المكرمين التي ربما تكون المادة فيها تقليدية لكن يبدو أن المحرر خصص وقتاً أطول ولو حتى في تبويب المعلومات المتاحة له، والربط بينها وبين الصور، بدلاً من الاستسهال في "رص" المادة أولا، ثم "الصور" في نهاية الكتاب ، في هذا العام جاءت كتب محمود عبد العزيز ونيللي مع كافة الاحترام لزملاءنا الذين كتبوها ضعيفة إلى حد كبير، أشبه بمذكرات صحفية، لم تكشف عن أي جديد، ولا تفيد سوى الذين قد يريدون التعرف على فيلموجرافيا كل منهما، حتى عناوين الأغلفة لم تأخذ وقتا لتطويرها، فعبد العزيز حصل على عنوان "الساحر" وعلى الغلاف صورة من الفيلم وصورة من تكريم أخر له، وهو اسوأ غلاف من حيث التصميم، اما نيللي فعنوانها كان "الدلوعة" وهو لقب يطلق على لبلبة أيضاً، وجاء الكتابين في حدود 100 صفحة، عبارة عن تجميع لحوارات قديمة وجديدة خصوصا في "الساحر" وربما تميز كتاب نيللي بالقاء الضوء على أصول الأرمن في مصر، والحصول منها على تصريح يبرر ابتعادها المبكر عن ارتداء المايوه والقبلات بسبب الخجل الشديد .
الأمر نفسه تكرر مع كتاب شويكار خليفة، فرغم ضخامته وجودة تصميمه بشكل يليق بمخرجة الرسوم المتحركة الكبيرة، لكن بعد أربعين صفحة من سرد سيرتها الذاتية، بدا أن المؤلفة لا تعرف كيف تكمل المشوار، فقررت الاستعانة بكل من كتب كلمة أو مقال عن شويكار في مشوارها، ونشر تلك الكلمات دون تأريخ، ثم استعانت بكل الذين عملوا مع شويكار للكتابة عنها – وهي تستحق ذلك وكنت أنا واحداً منهم- لكن الكتاب تحول إلى البوم كهذا الذي يوضع في مدخل معارض الفن التشكيلي، ولم يتميز فيه سوى فصل خاص بأعمالها التي لا تحصى ولا تقدر بثمن والمفاجأة أن بعد هذا الفصل ختمت المؤلفة الكتاب بصور من الأخبار الصحفية التي نشرت عن "مدام شوشو" طوال مشوارها وهي نفس المادة التي أخذت منها الكلمات في بداية الكتاب .
على العكس تماما يأتي كتابي "ايريس نظمي" و" محمد خان"، فالأول تحول من تدوين مذكرات ناقدة معروفة، إلى شهادة على عصرين، خصوصاَ فيما يتعلق بالمقارنة بين أخبار اليوم في حياة علي ومصطفى أمين وجلال الحمامصي وأخبار اليوم الان، والتي وصل الفرق بينهما إلى حد منع نشر مقال "ايريس نظمي" في عدد خاص بمناسبة عيد ميلاد "أخر ساعة"، كذلك جاء الكتاب الذي أعدته منى ثابت ليكشف الكثير من كواليس علاقة الناقدة الكبيرة بالفنانين الذين دونت مذكراتهم، والمهرجانات التي أسستها وتركتها بعد ذلك لتؤسس غيرها، وأثبت هذا الكتاب ومعه كتاب محمد خان أن قوة العلاقة بين المؤلف والمكرم هي الحل الوحيد لتفادي اهدار المزيد من الأوراق كل عام في طباعة كتب قد لا تفيد محبي السينما إلا قليلاَ، ففي كتاب محمد خان ، قام الناقد أحمد يوسف بالكتابة عن كل فيلم خصيصاً من أجل الكتاب، أي أنه لم يستعين بأي مقالات قديمة له، بالتالي نجح في الربط بين كل الأفلام، وبين الشخصيات والأفكار التي يصر خان على تواجدها في كل أفلامه ماعدا تلك التي لم تنتمي لعالم المخرج الذي لم يحصل حتى الان على الجنسية المصرية في واحدة من عجائب مصر التي لا تنتهي، في الوقت نفسه شارك خان في تقديم كل المعلومات والصور التي دعمت الكتاب بقوة، خصوصا فيما يتعلق بأيام تصوير كل فيلم، وحتى علب الخام التي استهلكها لخروج الفيلم إلى النور ، وينضم هذا الكتاب إلى كتاب داوود عبد السيد الذي أعده الناقد الشاب محمد رجاء العام الماضي ككتب نجحت في تجميع وتوثيق ما يتعلق بإثنين من كبار مخرجي مصر بل يمكن اعتبار هذان الكتابين هما أفضل ما خرج من المهرجان حتى الان .
ولا تنتهي تلك الجولة في كتب المهرجان في دورته الرابعة عشر دون الاشادة بكتب "فجر السينما في مصر" لمحمود علي والذي يعد دراسة قيمة وعميقة لنشوء السينما المصرية، رغم ذلك يرصد الكتاب المأساة التي تعيشها أقدم سينما مصرية "اولمبيا" في شارع عبد العزيز، فالسينما لاتزال قائمة ولم تنهار كباقي دور العرض القديمة، ومع ذلك لا يتذكرها أحد ويحاول انقاذها من باعة المحمول والاجهزة الكهربائية، والغريب أن الكتاب صادر عن الوزارة التي تتحمل مسئولية انهيار تلك السينما العريقة، فهل انضمت وزارة الثقافة إلى وزارات أخرى تنظم المؤتمرات لكنها لا تنفذ التوصيات .
محمد عبد الرحمن

الثلاثاء، 6 مايو 2008

«روتانا» و mbc تتنافسان على هوليوود


لم تكتفِ «روتانا» بفرض سطوتها على سوق الغناء والسينما العربية، فها هي تخوض فتوحات جديدة في هوليوود من خلال تعاونها مع 20th Century Fox، وإطلاق قناة fox movies... أيّ تغييرات قد تحدثها هذه الخطوة؟ وكيف ستواجه mbc و«دبي» وotv الحملة الآتية من كبرى الشركات العالمية للإنتاج السينمائي؟


«روتانا» تتجه غرباً... الخبر فاجأ كثيرين. ذلك أنّ الشركة السعودية التي ظلّت لسنوات تعمل على احتكار سوق الغناء، وتمهّد للاستحواذ على النصيب الأكبر من «كعكة» الإنتاج السينمائي، لم تكتف بما جنته في مجال الترفيه العربي. وها هي تتحالف ـــ من دون سابق إنذار ـــ مع أكبر شركات الإنتاج السينمائي الأميركي20th Century Fox، وقررتا سوياً إطلاق قناة Fox Movies غير المشفّرة لعرض الأفلام الأميركية (انطلقت يوم الخميس الماضي).النبأ سار حكماً لعشاق سينما هوليوود، وتحديداً أفلام «فوكس القرن العشرين» وشركتي Walt Disney وWarner Brothers وباقي الشركات المُتحالفة مع العملاق «فوكس». لكنه ليس خبراً مفرحاً طبعاً لبقية اللاعبين العرب في هذه السوق، وخصوصاً القنوات المشفرة التي قد تُجبر على تخفيض المقابل المادي للحصول على حق مشاهدة ما تملكه إذا نجحت القناة الجديدة في تغيير شكل السوق. بينما المهمة باتت أصعب للقنوات غير المشفرة، وتحديداً mbc2. هذه القناة التي أصبحت بالنسبة إلى جمهور السينما الأميركية في السنوات الست الماضية خياراً وحيداً لمشاهدة أعمال ميل غيبسون وجورج كلوني وجوليا روبرتس وآل باتشينو وغيرهم من نجوم هوليوود على مدار 24 ساعة. صحيحٌ أن مقصّ الرقيب تفنن كثيراً في حذف الكثير من مشاهد هذه الأفلام، لكن تبقى للفرجة المجانية دائماً متعتها.الآن، بات على القناة التي خرجت من عباءة mbc منافس قوي وعنيد، فالمعلومات الواردة من موقع الشركة العالمية تؤكد أن القناة ستقدم أفلاماً حديثة، بعضها حصري يعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط. ولمَ لا؟ فالإنتاج الأميركي غزير والأفلام باتت تصل إلى دور العرض العربية بعد مدة لا تتجاوز أحياناً ستة أشهر فقط من عرض الفيلم نفسه في أميركا. هذا عن الدول التي تتوافر فيها دور عرض. أما باقي الدول، وفي مقدمتها السعودية، صاحبة رأس المال المحرّك للقناة الأقدم ومنافستها الأحدث، فجمهورها على موعد مع وجبة دسمة من الأفلام الأميركية. وليس سراً أنّ الإعلانات الموجهة إلى الجمهور الخليجي في mbc2 تزيد عن 75 في المئة من الإعلانات التي تبثّ عبر القناة. بالتالي، ستخطف المحطة الجديدة جزءاً من دخل القناة الأقدم، علماً بأنّنا نحصر المقارنة بين mbc2 وFox Movies لكونهما متخصصتين في عرض الأفلام على مدار الساعة، بينما mbc4 وDubai One التابعتان لمحطة دبي يجمعان بين المسلسلات والأفلام والبرامج الأميركية المترجمة. حتى هاتان القناتان، لن تتركهما «فوكس» بمفردهما طويلاً، فالخطة التي وضعتها Fox تتضمن إطلاق قناة ثانية، تحمل اسم «فوكس» أيضاً ستخصص لمجال البرامج والمضمون الترفيهي البعيد من صناعة السينما.إذاً الخريطة تتبدل ومن دون تمهيد مسبق. واللافت أن رأس المال في الحالتين سعودي صرف. لتبدو المعركة ثنائية إلى حد كبير بين «الوليدين»، بن طلال والإبراهيم. وكانت ردة فعل mbc غير المعلنة، دليلاً قوياً على «الهزة» التي سببتها «روتانا». ذلك أنّها كانت المرة الأولى التي ترسل فيها إدارة العلاقات العامة لقنوات mbc رسالة إلكترونية للصحافيين، تطلب منهم عدم الالتزام بجدول برامج شهر أيار (مايو) وأفلامه، بعد يومين فقط من إرسال الجدل المذكور. وذلك بسبب خضوع الجدول لتعديلات، بدا كأن إدارة القناة لم تعمل لها حساباً. على رغم أن mbc تنتمي إلى قائمة محدودة من القنوات ذات الجودة الإدارية العالية التي تسمح بإعداد مسبق ومحكم لجداولها، مثلما يحدث في شبكتي «أوربت» و«شوتايم». فما الذي حدث في نهاية شهر نيسان (أبريل)؟ غير أن القناة الجديدة تحمل ميزة أخرى قد تجعلها أكثر خطورة على المنافسين، لكونها مستقلة إدارياً عن «روتانا». بمعنى أنّ Fox Movies ليست مملوكة للشركة السعودية، لكن التعاون بينهما اقتصر على المساعدات القانونية والدعائية وتأجير المحطة الأميركية استديوهات خاصة بقناة «روتانا» خليجية في دبي. إضافة إلى توفير الرعاية الإعلانية للقناة الوافدة من خلال علاقات «روتانا» بالمعلنين العرب.واللافت أيضاً تأكيد إدارة «فوكس» أنّ الرقابة على أفلامها لن تكون مشددة، بل ستعتمد على وضع إشارات على الشاشة، قبل عرض كل فيلم، تحدد الفئة المسموح لها بمشاهدته. وهو «طموح» لو اكتمل وفرض نفسه على إدارة «نايلسات» وتابوهات المجتمع العربي ككل، فسيجبر القنوات المنافسة على التخلّص من «مقص الرقيب».لكنّ fox movies لن تكون الوحيدة التي تنافس «أم بي سي»، فعلى الطريق قناة otv movies التابعة لقناة otv المصرية، ويخطط ساويرس لإطلاقها منذ أشهر من دون موعد محدد لذلك. كما أعلنت قناة infinity الإماراتية نيتها إطلاق محطة متخصصة بالأفلام الأجنبية. والسؤال في حال إطلاق كل هذه القنوات غير المشفرة، مع العدد الكبير من مثيلاتها المشفّرة: هل سيكفي الإنتاج الأميركي لسد حاجة المنطقة العربية التي باتت على ما يبدو أكثر مناطق العالم استهلاكاً للترفيه؟

نقلاً عن جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 5مايو 2008.

الاثنين، 5 مايو 2008

محمود عبد العزيز ساحر السينما المصرية




شئ ما في حياة محمود عبد العزيز يجعله يبدو "حزيناً" طوال الوقت، خصوصاً في السنوات الأخيرة، رغم عودته للأضواء مرة أخرى بعد غياب طويل، فالممثل صاحب الكاريزما المميزة، بات محباً للاختفاء، يبتعد كثيراً عن الوسط الفني، يرتدي نظارة سوداء في كل مرة يطل فيها على الجمهور، وأخرها كان في حفل افتتاح المهرجان القومي للسينما المصرية يوم الثلاثاء قبل الماضي، عندما وقف على المسرح عدة دقائق ورد تحية الجمهور التي تفوقت بالطبع على التحية الموجهة لباقي المكرمين، قبل ان يهم بالمغادرة دون التقاط الصورة التذكارية، لولا أن علي أبو شادي رئيس المهرجان نجح في الإمساك به، وكان واضحاً أن عبد العزيز جاء في مهمة محددة، وهي استلام شهادة التكريم، والهروب من الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية الذين كانوا سيطرحون عليه السؤال التقليدي الممل " ما هو شعورك يوم تكريمك"، ربما أراد صاحب "الكيت كات" و"رأفت الهجان" أن يظل صريحاً مع نفسه والجمهور، فالرد على السؤال إياه يعني أن يقول أنه سعيد جدا، والتكريم شئ مشرف، والسينما المصرية بخير، وغيرها من عبارات المجاملة، التي قد يقولها بصدق ممثل تخطي السبعين من عمره وشارف على الاعتزال بسبب ظروفه الصحية، لكن عبد العزيز يحمل بداخله شجن عميق بسبب غيابه عن السينما لسبع سنوات، صحيح انه كسر الغياب مؤخرا بمشاركته في فيلم "ليلة البيبي دول"، لكنه بالتأكيد ليس سعيداً بما فات من العمر وهو بعيد عن البلاتوهات حتى لو كرمه المهرجان القومي ومن قبله مهرجان القاهرة السينمائي الدولي .
بالتالي كان متوقعاً ألا يحضر الفنان المخضرم ندوة تكريمه في المهرجان، وبدا أن لا شئ قادر على إعادته لحالته الطبيعية، رغم ما يحصده من اعجاب مستمر كلما أعيدت ابرز أعماله، فالنجاح المتجدد لمسلسل "رأفت الهجان" على قناة "أبو ظبي" كان بمثابة اعادة تكريم لهذا العمل وصناعه بعد عشرين عاماً من إنجازه، وهو العمل الذي قاتل عبد العزيز من أجل الحصول على بطولته، ورفض ان ينتزعها منه نجم كوميدي كبير حاول لكنه فشل أمام إصرار محمود عبد العزيز، هكذا كان دائما مقاتل، في السينما والتلفزيون وعلى خشبة المسرح، ونجح لسنوات طويلة في تقديم الأعمال التي تروق له ، وحصد آهات الإعجاب كثيرا، لكن مع إختلال المعادلة في السنوات الاخيرة إضطر للغياب، حفاظاً على صورته، وحماية لتاريخه، لكن الغياب المبرر لم يخفف أبداً من هموم الابتعاد التي لازال متأثراً بها حتى اليوم .
العودة لنقطة إنطلاق محمود عبد العزيز ربما تفسر الحالة التي يعيشها الان بعيداً عن الجمهور العاشق له، فالفنان المولود في الإسكندرية عام 1946 ، تخرج في كلية الزراعة، وعلى مسرح الجامعة بدأ خطواته كممثل، وهي المهنة التي ذهب إليها لأنه أدرك – كما يقول- ان بداخله شحنة عالية تجعله يقلد الأخرين، وكان التمثيل حلم من احلام اليقظة، ومع إعجاب أسرته الصغيرة بأدائه قرر أن يطلق تلك الطاقة على خشبة مسرح الجامعة، لكن بعد التخرج حاول طرق أبواب الاحتراف ففشل في المرة الاولى، فجرب السفر للخارج غضباَ مما حدث معه – هل يمكن اعتبار اختفاؤه الحالي سفراً إلى الداخل؟- ، وسرعان ما عاد بعد عدة أشهر فلم يطيق الحياة في أوروبا، وانتظم في الدراسات العليا بكلية الزراعة وحصل على الماجستير في تربية النحل، ومارس هوايته في المسرح الجامعي حتى جاء المخرج الشهير في ذلك الوقت نور الدمرداش لتقديم مسرحية وعمل معه محمود مساعد مخرج، ليتاكد الدمرداش ان مساعده ممثل موهوب، فأخذه معه للقاهرة، وأسند إليه أول دور في مسلسل "كلاب الحراسة" عام 1972 ، قبل أن يحصل على البطولة السينمائية الاولى بعد ذلك بثلاث سنوات في "حتى أخر العمر"، ويمكن تقسيم مشوار محمود عبد العزيز مع الفن إلى أربع مراحل، الأولى في السبعينيات، حيث قدم مجموعة من الأدوار والبطولات الرومانسية والبسيطة إلى حد كبير، دون أن يحصل على فرصة كافية للتعبير عن قدراته التمثيلية المخيفة، والثانية مرحلة الثمانينيات، وهنا أطلق المخرجون العنان لمحمود عبد العزيز، وقدم العديد من الأفلام الناجحة أبرزها ثلاثية " العار – الكيف – جري الوحوش" مع محمود أبو زيد مؤلفاً وعلي عبد الخالق مخرجاً، في تلك الفترة قدم أيضاً " إعدام ميت"، و" عفواً أيها القانون" و" الطوفان"، والفيلم البارز في مشوار أحمد زكي " البرئ" لعاطف الطيب الذي قدم معه عام 1987فيلم "أبناء وقتلة" ، وجاءت معظم أفلام تلك المرحلة مهمة في مشواره ومشوار صانعيها من ممثلين ومؤلفين ومخرجين .
في مرحلة التسعينيات تراجع الكم كثيرا، سواء بسبب ظروف السينما المصرية بعد حرب الخليج، وكذلك تدقيق عبد العزيز في إختياراته بعد دخوله مرحلة جديدة، علما بأنه في النصف الاول من تلك الحقبة كان يجني ثمار النجاح الهائل والأسطوري لمسلسل "رأفت الهجان" الذي وصل تأثيره إلى حد تقليد الشباب لتسريحة شعر الجاسوس المصري وهو أمر لم يكن يحدث إلا مع عمرو دياب، غير أن الأبرز سينمائياً في هذه المرحلة فيلم "الكيت كات" الذي أجمع النقاد على أنه الشريط الأفضل في مشوار محمود عبد العزيز ودخلت شخصية "الشيخ حسني" الكفيف مدعي الإبصار تاريخ السينما المصرية بعد هذا الفيلم، وخلال الفترة نفسها قد العديد من الأفلام التي لم تخلو من الكوميديا أبداً لكن بعضها حمل رسائل مهمة للجمهور، مثل "زيارة السيد الرئيس"، و" ثلاثة على الطريق" و" القبطان" والبحر بيضحك عليه" غير ان سلبيات المرحلة طالته في أفلام مثل "النمس" و" الجنتل" والتي حاول من خلاله الوصول للقاعدة الشعبية من الجمهور .
ومع بداية القرن الجديد دخل عبد العزيز مرحلة الاختفاء، فتراجعت أعماله إلى حد كبير، حيث قدم ثلاثة أفلام فقط احدها انتاج التلفزيون وجاء متوسط المستوى هو "رحلة مشبوهة" بالإضافة لفيلم "سوق المتعة" و" الساحر" أخر أفلام رضوان الكاشف .
في تلك الفترة قدم عبد العزيز مسلسل "محمود المصري" لكنه لم يحقق النجاح المدوى، صحيح أنه لم يسقط، لكن في الوقت نفسه لم ينجح في اعادة بريق رأفت الهجان للجمهور، فظل بعيداً عن السينما والتلفزيون، حتى عاد من خلال "ليلة البيبي دول" المنتظر عرضه في كان هذا الشهر، فهل يعيد هذا الفيلم محمود عبد العزيز لجمهوره ويجبره على خلع النظارة السوداء ؟