إذا كنت لم تصدق
ما قاله حسن يوسف خلال ثورة يناير عن حصول المتظاهرين بالتحرير على وجبات كنتاكي،
هل يمكن أن تجيب على السؤال أعلاه؟
لماذا اختار الفنان
الكبير أو من لقنه الكلام كنتاكي تحديدا، ولم يقول ماكدونالدز أو بيتزا هت أو
هاديز وكلها محلات تتراص إلى جوار بعضها في ميدان التحرير؟
لماذا لم يقل مثلا
أن كل متظاهر يحصل على 100 جنيه ونص فرخة مشوية من أبو خالد، أو تلت مشكل من المحل
نفسه؟
الإجابة باختصار
أن الهدف كان الإيحاء بأن التمويل خارجي، والمعلومة كانت ستصل للجمهور البسيط الذي
يظن أن اوباما هو من يدير سلسلة محلات كنتاكي ولا يعرف أن رجال أعمال مبارك الذي
قامت الثورة ضده هم أصحاب توكيل هذه المحلات في مصر، بالتالي من المستحيل أن
يمولوا المتظاهرين ضد مبارك، ثم ما كان أبسط أن تغلق السلطة هذه المحلات وبالتالي
تمنع المدد عن المتظاهرين المأجورين الذين لم يكشف حقيقتهم إلا حسن يوسف.
هل هناك سبب أخر
لاختيار كنتاكي، نعم أنه المحل الأكثر تفضيلا لبسطاء المصريين عندما يقررون فك
الكيس والأكل في مطعم لا يحمل شيئا من المذاق المصري، بالنسبة للمصريين يظل
ماكدونالدز محل ساندويتشات وبيتزا أكل مش بيشبع له بديل مصري هو الفطير، لكن أن
تحصل على قطع فراخ في كارتونة مع سلطة الكرنب والرز بالباربكيو، وتجادل البائع كي
يستبعد الجناح ويضع بدلا منه صدر أو دبوس في وجبة الدينر البوكس، هذه طقوس يحبها
المصريون، كما يحبون أكل جلد فراخ كنتاكي أكتر من لحمها الأبيض نفسه، لعلهم يكتشفون
سر الخلطة .
طب أنا ليه سايب
الدستور وقانون التظاهر وثورة دي ولا انقلاب وبكلم حضرتك في اللي قاله حسن يوسف قبل
3 سنوات تقريبا ، الاجابة بعد فقرة الذكريات التالية
ذكريات
أول مرة دخلت فيها
كنتاكي كان عام 1995 تقريبا، مدفوعا بخجل طلب احدى زميلات الدفعة الثانية باعلام
القاهرة لتناول الغداء هناك، قبلها لم أكن أعرف من مطاعم الجامعة إلا صبري
والعندليب واحيانا كشك بيتزا هت بين تجارة وسياسة واقتصاد، لكن كنتاكي كانت تجربة
جديدة تماما، فكرة أن تقف أمام بائع زيك زيه، بس لابس كاب وكاتب اسمه على التي
شيرت (نايم تاج فيما بعد)، وعليك أن تختار من كل هذه القائمة،وتحسب السعر جيدا مع
الضرائب التي لم يسألك عليها عم صبري أبدا، ثم يسألك البائع المبتسم برخامة ،عادي ولا
سبياسي، هنا ولا تيك أواي، طب مش عايز "ابل باي"، لا مش عايز يا بن
الرخمة ، تاخد انت نوجة من أم نص جنيه؟
هذه الفكرة منذ 95
وحتى الآن لم ترق لي أبدا، لم أدخل هذه المحلات وانا سعيد رغم الالاف المرات التي
تعاملت فيها مع هؤلاء، خصوصا عند الاتصال بهم هاتفيا، أنتم ممثلون يا عزيزي،
يدربونكم على كيفية اجبار الزبون على رفع عدد الطلبات، طب ما تدفع جنيه وتاخد
كومبو، طب ما تاخده انت؟ .. باختصار، هذه المحلات تقدم ثقافة لا تليق بنا، لكن لأن
مقاومتنا ضعيفة استسلمنا لها بسهولة، ولأن البسطاء يريدون أن يشعروا أنهم يقومون
بفعل مختلف، بدأوا في التوافد عليها وهم لا يعرفون أنه في الخليج مثلا يتم تعريب
معظم بضاعة هذه السلعة، اسمها فطيرة تفاح، لازم آبل باي يعني؟ ومن امتى التفاح له
فطيرة .
انتهت فقرة
الذكريات
نعود لحسن يوسف،
في التحرير لم يأكل المصريون إلا الكشري وساندوتشات الجبنة واللانشون، لماذا،
لانهم عادوا لهويتهم، هذه المحلات ساهمت في فقد المصريين لملامحهم، زادت من
امراضهم وعاداتهم الاستهلاكية السيئة .
في حرب الخليج
عندما اشتدت حملة المقاطعة، كنت أرد على من يتصعبن على العاملين في هذه المحلات،
أن التابعي ووصاية ومؤمن وغيرها سيفتحون مكانهم بنفس العمالة، نحن الذين نقرر ماذا
نأكل يا اخوانا .
هاوصل لمربط الفرس
حاضر.
مربط الفرس الذي
أتكلم حوله بكل ثقة بعد تطبيق نظام ريجيم حقيقي رحمني من اللجوء لهذه المحلات إلا
من أجل الهابي ميل، أنني لازلت لا افهم بوستات من نوعية "رحنا كنتاكي انهاردة
وبطننا بتوجعنا"، لن تكتمل الثورة إلا إذا نظف المصريون أمعائهم، فتنطلق
عقولهم في مدارات أكثر رحابة، يجب أن نبدأ من الصفر، نراجع كل السلوكيات التي وصلت
بنا للحالة التي نحن عليها الآن ..انظروا لوجوهنا ونحن جالسون خلف زجاج هذه
المحلات، كيف تختلف ونحن نأكل داخل المنزل ونحن نأكل ما تربينا عليه؟
كيف أصلا تقبل
كرامتنا الوطنية أن نعبر الدائري في ساعتين ونترك ماكدونالدز يصبح هو أسرع ديلفري
في مصر؟