الكل يتكلم عما فعله لاعب الكونغ فو محمد يوسف وهو يتسلم
الميدالية الذهبية في بطولة العالم بروسيا، ظهر يوسف وقت التتويج وهو يرتدي تي
شيرت أصفر عليه علامة رابعة السوداء.
حسب والد اللاعب فإنه لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين،
لكنه مؤمن طبعاً أن ما جرى انقلاباً وليس ثورة، وأن شهداء رابعة فقط هم الذين
يستحقون دعمه في المحافل الدولية، وعلى حد تصريحه لوكالة الأناضول فإن أصدقاء له
استشهدوا في اعتصام الشرعية، بالتالي هم أحق بأن يتعاطف معهم.
هل لم يكن له أي أصدقاء استشهدوا مثلاً عند المقطم أو
الاتحادية أو ماسبيرو حتى يرفع صورهم في أي بطولة سابقة.
بناء على ما سبق فإن محمد يوسف نموذج لمواطن مصري، يعاني
مثلنا جميعاً من خلط كل المفاهيم والمواقف مع بعضها البعض.
هل أخطأ يوسف، من وجهة نظري نعم، لكن أخطاء اتحاد الكونغ فو
أكبر.
صنعوا منه بطلاً خارج حلبة الكونغ فو، بات مثل المطرب حمزة
نمرة، يتمتع بصوت جميل، لكن من يحبونه الآن يتابعونه لأنه ضد الانقلاب ليس لأنه
مطرب جيد.
تحول محمد يوسف على النسق نفسه لبطل من لا شيء، هو بطل في
الحلبة فقط، ويحسب له أن الميدالية ستسجل باسم مصر رغماً عن الجميع لكن المفاهيم
المختلطة أدت به لاستخدام مناسبة رياضية تفوق فيها سياسياً.
هل لو كان خرج من البطولة مصاباً كان سيكلف شارة رابعة عبء أن يرتديها
لاعب مهزوم مكسور؟
هل كان سيتقبل الوضع لو وقف زميله المؤيد لثورة يونيو على
منصة التتويج يرتدي تي شيرت يحمل صورة الفريق السيسي، أو صورة للرئيس المعزول وتحتها
عبارة "مش راجع".
هنا تكمن الأزمة، أزمة الخلط الذي نعيش فيه جميعاً، محمد
يوسف لم يفكر في أي شيء سوى الانتصار للعلامة التي يتعاطف مع أصحابها، بينما كارهو
رابعة كانوا على استعداد لأن تترك البعثة يوسف خلفها في روسيا وتسحب منه جواز
السفر ويصبح مطارداً من شرطة موسكو.
الخلط نفسه تكرر مع اتحاد الكونغ فو ومن ورائه وزارة
الرياضة، حسب الناقد الرياضي طارق رمضان فإن لائحة الاتحاد تنص على أنه في حالة
السفر للخارج وأتى أي لاعب بما يخل بنظام البعثة أو ما يسيء إلى الفريق أو سمعة
البلاد فإن لرئيس البعثة الحق في إيقاف اللاعب وإعادته إلى مصر فوراً إذا استطاع
ويتم إحالته إلى التحقيق، ويكمل رمضان، هذا هو البند الوحيد الذي ينص
على التعامل في حالة وجود بعثة في الخارج؟ لكن السؤال هل أتى اللاعب فعلاً بما يسيء
إلى الفريق وسمعة البلاد أم لا؟ وهل القانون يقول إن
تي شيرت تحت الملابس الرياضية مكتوب عليه شيء ما أو علامة ما يعتبر جريمة؟ هذا هو السؤال الذي طرحه رمضان.
أما الإجابة فتحتاج لاجتماع حكماء هذه الحكومة للاستعداد
لمواقف مماثلة إذا كان في هذه الحكومة حكماء، لكن أن تتسرب أخبار غير صحيحة عن سحب
الميدالية منه، وهو أصلاً أمر غير قانوني، وتوقيفه في المطار وهو ما لم يحدث،
ليصبح حديث الساعة في الصحف الدولية والعربية، من الذي استفاد هنا، طبعاً شارة
رابعة.
لازلنا كالعادة نخسر كل معاركنا الإعلامية، أنصار رابعة
يفسدون كل فعاليات مصر الثقافية بالخارج، هم لا يهتمون لكون تصرفاتهم تسيء لهم قبل
أن تحرج أنصار ثورة يونيو، يبحثون عن مكسب قريب كما فعل مرسي في عامه الأول
والأخير داخل القصر.
لكن الطرف الآخر لا يتعلم من الدروس.
تخيل لو أن بياناً من اتحاد الكونغ فو، اكتفى بتحويل اللاعب
للتحقيق، وإنذار باقي اللاعبين بعدم ارتداء أي شارات سياسية أياً كانت، مرة أخرى
أياً كانت، وبعد انتهاء التحقيق بعدة أيام يصدر القرار، لكن أن يتطابق رد فعل المسؤولين
برد فعل من عضه ثعبان، فالخاسر دائماً المتوتر غير الجاهز للمواجهة.
لن نتخلص من هذا الصداع إلا باستراتيجية رد مختلفة عما يجري
الآن.
أما محمد يوسف فهو مثل أي متعاطف مع الإخوان لا يرى ما فعله
نقيصة ولن يرى، وحسب تصريحاته فهو ابن اتحاد الكونغ فو ولا يتوقع أن يتعرض للشطب
أو الابتعاد عن الحلبة قسراً.
لكن ماذا سيفعل محمد يوسف إذا بات مجبراً على عدم اللعب في
مصر، هل هو على استعداد للعب باسم دولة أخرى؟
حسب منطقه فهو لم يفكر عندما فاز سوى في رفعة شأن رابعة، لم
يفكر في أنه يمثل مصر، وأن من دعمه للسفر حكومة جاءت بعد عزل الرئيس الذي من أجله
اعتصم في رابعة المعتصمون .
اللاعب الذي فات عليه كل ذلك هل يقبل – مثلاً – عرضاً للعب
في منتخب قطر للكونغ فو؟
لماذا اخترت قطر؟ وهل هناك دولة أخرى في العالم تقبل أن يحمل
علمها من ليسوا من أبناءها إلا قطر؟
لكن لو فعلها محمد يوسف هل ستسمح له الدوحة في البطولة
المقبلة بأن يرتدي أي شيء غير علم قطر؟
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر twitter.com/MhmdAbdelRahman
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق