نشر هذا المقال لأول مرة في مجلة صباح الخير نوفمبر 2017 وتم بالفعل تكريم الأستاذ يوسف شريف رزق الله في دورة مهرجان القاهرة الأربعين نوفمبر 2018
الإخلاص هو كلمة السر التي يفسر الحب الجارف
الذي يحاط به يوسف شريف رزق الله سواء من رفاق جيله أو من أجيال تالية تربوا
سينمائيا على يديه، أخلص محب السينما العالمية رقم 1 في مصر لما أحب فجنى الثمار
احتراما وتقديرا حتى من الجيل الذي ارتبط بالسينما العالمية بعيدا عن ماسبيرو
وبرامج يوسف شريف رزق الله الذي علمنا من خلالها قواعد فن السينما.
صحيح أن الأخبار والمتابعات والتغطيات التي
تواكب كل دورة جديدة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ونحن الآن على موعد مع
الدورة 39 منه، صحيح أن تلك الأخبار تقدم يوسف شريف رزق الله باعتباره مديرا فنيا
للمهرجان، لكن العاملين به، والمتابعين له باعتباره الفعالية الفنية الأهم في مصر،
يعرفون جيدا أن مكانة يوسف شريف رزق الله أكبر من ذلك، وأن كثيرون يغفرون للمهرجان
أخطاءا متكررة فقط لأن رزق الله من بين قائمة المنظمين، كما يدركون أنه ربما الوحيد
الذي حافظ على درجة عطاءه للمهرجان منذ انضم له رسميا عام 2000 كواحد من فريق
العمل، قبل أن يكون من الذين واكبوا الدورة الأولى وما بعدها منذ نهاية السبعينات
بحكم موقعه كعراب للسينما الأجنبية في مصر والوطن العربي.
الحفاوة التي قوبل بها يوسف شريف رزق الله
عندما ظهر مؤخرا مع "صاحبة السعادة" إسعاد يونس على قناة cbc كانت بمثابة "شكر جماعي" من
ملايين تابعوه وهم صبية وشباب يحبون السينما العالمية عبر شاشات التلفزيون المصري
سواء من خلال برامجه الشخصية وأقربها لقلب كاتب هذه السطور (سينما x سينما) حيث لازالت أتذكر فواصل هذا البرنامج
حيث الدمية الصغيرة التي تضرب الكلاكيت لتعلن نهاية فقرة وبداية فقرة جديدة، أو من
خلال البرامج التي كنا نقرأ اسمه عليها كمعد للمادة التلفزيونية مثل أوسكار لسناء
منصور ونادي السينما لدرية شرف الدين.
في حلقة صاحبة السعادة جاءت فرصة أخيرا
لأبناء الجيل الحالي لكي يعرف كيف كان يوسف شريف رزق الله يعد مواد برامجه في زمن
التلفون والتلغراف، وليس الإنترنت وتوابعه من فيس بوك وواتس آب، هذه التوابع أو
لنقل التسهيلات التي توفرت للجيل الحالي ومع ذلك لم ينجح معظمهم في استغلالها من
أجل تقديم ثقافة سينمائية عالمية كتلك التي وفرها يوسف شريف رزق الله لجمهور
التلفزيون المصري منذ سبعينيات القرن الماضي، الأمر الذي يجعل البحث عن خليفة لهذا
الرجل بمثابة ضرب من ضروب الخيال، لأن كلمة السر هي المفقودة وليست الإمكانات
والخبرات، الإخلاص الذي جعله يصنع أرثا لا مثيل له، ولو كانوا في ماسبيرو يهتمون
بالأرقام القياسية وبدخول موسوعة جينيس لأبلغوهم عن الرجل الذي قدم هذا العدد
الهائل من ساعات البث سواء كمقدم برامج أو معد للمادة التلفزيونية عن موضوع واحد
هو السينما والمهرجانات العالمية.
الإخلاص لفن السينما جعل الكثيرون لا يعرفون
يوسف شريف رزق الله إلا بهذا الوجه رغم أنه مارس مهام أخرى داخل التلفزيون وخارجه
ونجح فيها جميعا بنفس الدرجة، بعد تخرجه من مدرسة الجزويت عام 1961 التحق بكلية
الإقتصاد والعلوم السياسية وتخرج فيها عام عام 1966 ليتحلق بالتلفزيون كمحرر
ومترجم للأخبار، وبجانب برامجه التلفزيونية تولى رئاسة قناة النيل الدولية منذ عام
1997 حتى 2002 ، كذلك تولى رئاسة قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي
وجهاز السينما بنفس المدينة، وترأس جمعية الفيلم بالقاهرة قرابة 20 عاما، بجانب
برامجه الشهيرة، أوسكار الذي بدأ عام 1975 ونادي السينما الذي انطلق عام 1980.
هل يجوز أن يكرم مهرجان سينمائي أحد
القائمين على إدارته؟ ، حسب المتعارف عليه الإجابة هي لا، لكن عندما نتكلم عن يوسف
شريف رزق الله فإن مهرجان القاهرة هو المستفيد من تكريم رجل أخلص للمهرجان وللسينما
وللتلفزيون المصري كما لم يفعل أحد آخر على مدار خمسين عاما.