حتى عندما أراد يسري فودة أن ينهي أسبوعًا من القضايا الساخنة محليًا وعربيًا ودوليًا لم يحاور الشاعر علي سلامة والملحن وجيه عزيز على طريقة برامج التوك شو المصرية .
ما يقدمه يسري فودة قبل وبعد الثورة على قناة أون تي في ليس برنامج توك شو مصري بكل تأكيد .
بالعكس نجاح يسري فودة الكبير بعد الثورة له علاقة بأن يقدم برنامجه من داخل السياق لا من خارجه، وليس في هذه العبارة أي تناقض، لأن يسري فودة يُطل على الشاشة كإعلامي محترف لا كنجم جاءت به هذه القناة أو تلك حتى يجذب الجمهور أيًا كان المضمون الذي يقدمه.
في برامج التوك شو الأخرى الضيف هو النجم، والدليل أن الجمهور مستعد لمتابعة محمد البرادعي أو مرتضى منصور أيًا كان المذيع، لكن مع يسري فودة القضية هي الأساس.
نجح يسري فودة لأن الجمهور بعد الثورة بات يبحث عن المحترفين، ولأن فودة يعتبر أن مصداقيته بجانب الاحترافية هما طريق الوصول إلى عقل المشاهد والتأثير في الرأي العام وفي صناع القرار، لكن منافسيه الذين سبقوه إلى الشاشة بسنوات، وتجاوزهم هو في شهور اعتادوا السقوط تباعًا في اختبار المصداقية، حتى عندما قامت ثورة في البلاد استغرقوا وقتًا أطول حتى يدركوا أن مصر تتغير وأن سياسة الحلول الوسط لم تعد تفلح مع جمهور يعرف جيدًا كيف يختار من يستمع إليه .
صحيح أن الجمهور ظل لفترة طويلة أسير وجوه بعينها فرضتها حسابات النظام البائد مع القنوات الحكومية والخاصة، لكن المعادلة تغيرت والمعايير عادت لطبيعتها فتقدم يسري فودة الجميع.
فوجئ الناس بأن هناك إعلاميًا مصريًا صدرت له كتب بالإنكليزية، وله تاريخ طويل لم يتابعه أغلب المصريين عبر قناة الجزيرة، لكنه يرفض التباهي به، ولا يذكرنا بإنجازاته بمناسبة وبدون مناسبة، فقط يستفيد من علاقاته في الحصول على وجهات نظر مغايرة من خبراء ومحللين في كل أنحاء العالم، وعلى التتر يكتب اسمه كرئيس تحرير، لا يتبرأ من مهنة الصحافي ولا يسعى لأن يكون نجمًا يحصل على الملايين.
عندما انطلقت على الـ"فيسبوك" دعوات البحث عن عروس ليسري فودة كانت الرسالة واضحة، عيونه لا تعرف اللون الأخضر، وملامحه مصرية خالصة، لكن المصريين إذا أحبوا شخصًا اعتبروه منهم، فتعاملوا مع يسري فودة وكأنه الأخ الكبير العائد من الغربة والذي يجب أن يتزوج من فتاة مصرية بنت بلد بعدما كشف للبرادعي أنه لا يزال يعيش حياة العزوبية .
باختصار وكعادة المصريين هم بحاجة لمضمون أصيل حتى يدركوا أنهم كانوا يتابعون مضمونًا معظمه مزيف، لكن يسري فودة لن يكون وحده في سباق الاحترافية، فالعائدون للشاشة كُثر في المرحلة المقبلة، وكلما تمسك هؤلاء بمبادئ المهنة واحتفظوا بمصداقيتهم ستتغير الخريطة الإعلامية المصرية في غضون شهور قليلة، وسيكون لمصر الثورة شاشات تعبر عنها بعدما عانت من "الأراجوزات" الذين حاولوا حصار الثورة في البداية ثم هللوا لها عندما انتصرت بينما هم في داخلهم لازالوا يبكون عصر مبارك.
شاهد أحدث قصيدة لعلي سلامة في برنامج آخر كلام
هناك تعليقان (2):
بكلمات قليلة و معاني عميقة رسمت صورة دقيقة الملامح للإعلامي يسري فودة...سلم قلك أيها الزميل المتميز
عبير سعدي
بقلم رشيق و كلمات قليلة عميقة المعني رسمت بورترها للإعلامي الإنسان يسري فودة...كل التقدير لك زميلنا القدير محمد عبد الرحمن
احترامي
عبير سعدي
إرسال تعليق