محمد عبد الرحمن
لثلاثين عاماً رست سفينة عظيمة بالقرب من شاطئ فسيح .
أهل السفينة وقفوا على الشاطئ كل هذه السنوات يريدون ركوبها حتى يتحركوا ولو خطوة واحدة نحو الأفق البعيد.
لم يركبوها يوماً قط، كانوا كلما اقتربوا منها ليدفعوها بأيديهم للأمام، تدفعهم السفينة للخلف، وكأنها قررت أن تبق في مكانها مدى الحياة.
بمرور الزمن، أصبح الشباب شيباً وأعيتهم السبل، واعتادوا الأمر الواقع، لكنهم لم يدركوا يوماً لماذا لم تتحرك السفينة؟
لم ينتبهوا أبداً إلى أن الحجر الملتصق في جدارها هو الذي يمنعها من الحركة .
حتى عندما إفترضوا أنه – أي الحجر- قد يكون السبب، كان القرار هو الإنتظار حتى يذوب من تلقاء نفسه، فربما تؤذي محاولة تفتيت الحجر السفينة نفسها أو هكذا كانوا يفكرون.
اقتنعوا بالنظرية واستستلموا لها رغم أنه لم يوجد أي دليل على صحتها، لا في الماضي والحاضر وبالطبع لم يكن لديهم مستقبل.
استمروا كذلك رغم أن حجراً أصغر انشق من الحجر القديم وبدأ في النمو بجواره وكأنه يستعد لخلافته.
فجأة آتي من الخلف شباب كثر، رفضوا مبدأ الإنتظار، وقرروا تحريك السفينة أياً كان الثمن، أفسح لهم العجائز الطريق رغم أنهم كانوا يائسين من نجاح المحاولة، لكنهم لن يخسرون شيئا لو فشلت، وسيربحون طبعا لو تحرك الكيان العظيم .
اقترب الشباب بيد رجل واحد من الحبل الذي يربط السفينة بالحجر الكبير والذي لم يفكر العجائز ولو لمرة واحدة في أهميته، قطعوه بعد مقاومة عنيفة، فدمر الحجر نفسه وكل الحجارة التي تكونت بجواره بفعل السنين، وتحركت السفينة للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً.
رجع الشباب خطوات للخلف ليتلقطوا الأنفاس، دفنوا شهدائهم، واهتموا بأصحاب الجراح، وتركوا للعجائز مهمة إعداد السفينة للإبحار.
قبل العجائز المهمة بسرور وأعلنوا عن خطة محكمة لضمان تحرك السفينة ووصولها لبر الأمان، لكن بمجرد أن ركبوها تحركوا بها منفردين، تاركين على الشاطئ من حرروهم من القيد، وما تبق من الأحجار.
هناك تعليقان (2):
ياليتهم أبحروا بها يامحمد
هم لازالوا يتصارعون على قيادتها ، وأرى أن بعضهم قد نزل في هدوء ليعيد ربط السفينة في الحجر ،فكلهم نفس الحجر
من أجمل ماقرأت عن الثورة المصرية ، الله ينور يا استاذ محمد
إرسال تعليق