سلاح جديد اكتشفته شركات الإنتاج في حروبها المتبادلة: احتكار النجوم بطريقة مبتكرة. من محمد حماقي وتيم حسن وأحمد عزّ إلى عادل إمام. لكن مهلاً، فالنجوم راضون ـــ هذه المرّة! ـــ بشروط اللعبة
تشهد السينما المصرية تغيّرات سريعة لم تعرفها على مدار قرن كامل. منذ دخلت الشاشة الفضية إلى الإسكندرية ثم القاهرة، جرت العادة أن تتميّز كل مرحلة بخصائص معيّنة: هناك مرحلة السينما الاستهلاكية قبل حرب أكتوبر وبعدها، وهناك العودة إلى الواقعية في الثمانينيات، ثم سنوات الجدب بعد حرب الخليج، قبل أن تحلّ مرحلة «المضحكون الجدد»... وها هو الوضع يتغيّر اليوم «منذراً» بعودة ظاهرة الاحتكار إلى السينما بعدما كان النجوم الشباب يرفضونها منذ خمس سنوات فقط.الاحتكار الذي ظهر مع بروز محمد هنيدي ورفاقه عام 1998، عاد بسبب عوامل عدة أهمّها الحروب المتبادلة بين شركات الإنتاج... وقد أدّت هذه الحرب إلى «احتكار» كلّ شركة لـ«زمرة» من الممثّلين أصبحوا يكوّنون «عصابةً» أو «فريقاً» التصق اسمهم باسم الشركة المنتجة، لكن بملء إرادتهم هذه المرة!على رغم اتحادهما ضدّ القرارات الأخيرة الصادرة عن نقيب الممثلين أشرف زكي، ما زالت الحرب تحكم علاقة كتلتي التوزيع «الشركة العربية» بقيادة إسعاد يونس من جهة والثلاثي «النصر» و«الماسة» و«أوسكار» بقيادة محمد حسن رمزي من جهة أخرى. هذه الحرب أدّت سابقاً إلى فصل إنتاج كلا الفريقين في دور العرض. وها هما يكتشفان سلاحاً جديداً في المعركة الدائرة بينهما... وهو احتكار النجوم! فكلا الطرفين يملك شاشات عرض بالمئات، ومشروعات كبيرة للتوسع، وإمكانات إنتاج هائلة. لكنّ الأهم هو توافر عدد من النجوم يفي بحاجة تلك الشركات إلى الاستمرار في الاستحواذ على نسبة مرضية من السوق المحلية والسوق الخارجية أيضاً، في ظلّ الأبواب المفتوحة أمام السينما المصرية في الخليج ولبنان.
تشهد السينما المصرية تغيّرات سريعة لم تعرفها على مدار قرن كامل. منذ دخلت الشاشة الفضية إلى الإسكندرية ثم القاهرة، جرت العادة أن تتميّز كل مرحلة بخصائص معيّنة: هناك مرحلة السينما الاستهلاكية قبل حرب أكتوبر وبعدها، وهناك العودة إلى الواقعية في الثمانينيات، ثم سنوات الجدب بعد حرب الخليج، قبل أن تحلّ مرحلة «المضحكون الجدد»... وها هو الوضع يتغيّر اليوم «منذراً» بعودة ظاهرة الاحتكار إلى السينما بعدما كان النجوم الشباب يرفضونها منذ خمس سنوات فقط.الاحتكار الذي ظهر مع بروز محمد هنيدي ورفاقه عام 1998، عاد بسبب عوامل عدة أهمّها الحروب المتبادلة بين شركات الإنتاج... وقد أدّت هذه الحرب إلى «احتكار» كلّ شركة لـ«زمرة» من الممثّلين أصبحوا يكوّنون «عصابةً» أو «فريقاً» التصق اسمهم باسم الشركة المنتجة، لكن بملء إرادتهم هذه المرة!على رغم اتحادهما ضدّ القرارات الأخيرة الصادرة عن نقيب الممثلين أشرف زكي، ما زالت الحرب تحكم علاقة كتلتي التوزيع «الشركة العربية» بقيادة إسعاد يونس من جهة والثلاثي «النصر» و«الماسة» و«أوسكار» بقيادة محمد حسن رمزي من جهة أخرى. هذه الحرب أدّت سابقاً إلى فصل إنتاج كلا الفريقين في دور العرض. وها هما يكتشفان سلاحاً جديداً في المعركة الدائرة بينهما... وهو احتكار النجوم! فكلا الطرفين يملك شاشات عرض بالمئات، ومشروعات كبيرة للتوسع، وإمكانات إنتاج هائلة. لكنّ الأهم هو توافر عدد من النجوم يفي بحاجة تلك الشركات إلى الاستمرار في الاستحواذ على نسبة مرضية من السوق المحلية والسوق الخارجية أيضاً، في ظلّ الأبواب المفتوحة أمام السينما المصرية في الخليج ولبنان.
وقد باتت هذه السينما تعتمد على جيل جديد (أحمد حلمي، وأحمد السقا، وكريم عبد العزيز) قادر على حشد إعجاب غير المصريين الذين أصابهم الملل من بقاء وجوه محددة لسنوات، تعبّر عن السينما المصرية أسوأ تعبير.من جهة أخرى، لم يعد نجوم هذه الأيام كأقرانهم الذين سبقوهم قبل سنوات فقط. أصبحوا أكثر نضجاً وذكاءً، يعرفون «من أين تؤكل الكتف». هكذا، حوّلوا العلاقة بينهم وبين شركات الإنتاج إلى علاقة ندّية لا علاقة احتكار وعقود إذعان. ولهذا، صارت معظم العقود تنصّ على حقّ الممثل بأداء أفلام خارج الشركة المنتجة إذا وافقت هذه الأخيرة. والشركة المنتجة ستوافق بما أنّه ليس في حوزتها خطط أو مشاريع لنجمها الذي سيتحوّل حكماً إلى لاعب كرة يذهب إلى نادٍ آخر على سبيل الإعارة ثم يعود إلى ناديه الأصلي وقتما يشاء.بالتالي لم يكن غريباً توقيع الممثّل الشاب أحمد مكي أخيراً عقد تعاون (خمس سنوات) مع «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع» للمنتجة إسعاد يونس. فالشركة عرفت كيف تستفيد من شخصية «هيثم دبور» التي نجحت بقوّة في «تامر وشوقية». والممثل الشاب يشارك ضيف شرف هذا الموسم في فيلمين كبيرين هما «حسن ومرقص» و«ليلة البيبي دول» إلى جانب بطولته الأولى «إتش دبور» مع «الشركة العربية». بالتالي، كان لا بد من الاستحواذ عليه، مع تقديم عرض يضمن له بطولة فيلم جديد كل عام، ويسمح له باخراج العمل إذا رأى ضرورةً بما أنه مخرج قدّم قبلاً فيلم «الحاسة السابعة». وهنا، لم تنتظر «الشركة العربية» نتائج عرض أفلام مكي الثلاثة خلال حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، فقطعت الطريق باكراً على المنافسين. وإذا فشل مكي، فالعقد بين الطرفين ليس ملزماً.
بمعنى أنّ الشركة غير ملزَمة قانوناً بإنتاج الأفلام الخمسة.والأمر عينه كرّرته إسعاد يونس مع السوري تيم حسن الذي بدأ أخيراً تصوير أول أفلامه في مصر «ميكانو» مع منة شلبي وخالد الصاوي والمخرج محمود كامل. بينما وقّع محمد حماقي عقد تعاون مع الشركة في انتظار سيناريو مناسب يدفعه إلى السينما ليكمل مطاردة منافسه الأول تامر حسني. ولا يمكن تجاهل أنّ «الشركة العربية» تحتكر خدمات كريم عبد العزيز ـــــ أحد خمسة تصنّفهم الصحافة المصرية بالأهم في شباك التذاكر، حيث قدّم كريم مع «الشركة العربية» خمسة أفلام متتالية.على الضفة الأخرى، ضمّ المنتج وائل عبد الله من شركة «أوسكار» الممثل محمود عبد المغني إلى قائمة نجومه التي يترأسها أحمد عز. وهذا الأخير يتعاون مع عبد الله منذ فيلم «ملاكي اسكندرية». وقد منع عبد الله أحمد عزّ من ممارسة أي نشاط فني من دون الرجوع إليه.وداخل شركة «أوسكار» أيضاً، الفنان محمد رجب، والفنانة ياسمين عبد العزيز التي تستعدّ لأوّل بطولة مطلقة في المرحلة المقبلة. علماً بأنّ تلك البطولات تقلّص كثيراً من حضور الفنان، لأنّه يقدّم عملاً واحداً كل عام. لكن الكل راض بقواعد الاحتكار الجديد. شركة «الباتروس» مثلاً تحتكر بعض الممثلين بطريقة غير مباشرة. فهي تتعاون باستمرار مع المخرج خالد يوسف الذي أنهى تصوير رابع أفلامه «الخديعة» لمصلحة «الباتروس»، ومن بين الأفلام الأربعة، ثلاثة شاركت فيها سمية الخشاب وهاني سلامة.أما المنتجان أحمد ومحمد السبكي، فيحتكران جهود الفنانين أصحاب «الجماهيرية الشعبية» مثل محمد سعد عبلة كامل وتامر حسني وحمادة هلال، وكلهم يستمرون في التعاون مع السبكي رغم الانتقادات الفنية الموجهة إليه، لكونه متفرغاً لإدارة الحملات الدعائية ويعرف كيف يفرض أفلامه على السوق والجمهور.الاحتكار غير المباشر وصل أيضاً إلى عادل إمام الذي اشتهر طوال مسيرته الفنية بقدرته الكبيرة على تغيير المنتجين لضمان الحصول على رعاية كبيرة مع كل فيلم جديد. لكنّه في الآونة الأخيرة ترك مفاتيح نشاطه لشركة «غود نيوز غروب» منذ أقنعته بدخول فيلم «عمارة يعقوبيان» ثم أنتجت له «مرجان أحمد مرجان» وأخيراً «حسن ومرقص» بوجود عمر الشريف الذي تقاضى 800 ألف يورو، بينما حصل عادل إمام على 2 مليون دولار.وما دام هناك شركات تدفع، فصمود النجوم أمام الضمانات المالية قد يقلّل كثيراً من مخاطر الاحتكار الذي هربوا منه طويلاً، لكن ما يحدث كل يوم في السينما المصرية أعاد الشريط إلى البداية، ليظل السؤال: هل يستفيد الجمهور والفن السينمائي مما يحدث؟ أم تستفيد الشركات التي تبيع إنتاجها لاحقاً للفضائيات؟ بينما على الجمهور أن يشاهد ما يصله من دون اعتراض.
محمد عبد الرحمن
جريدة الأخبار اللبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق