إنطلق الموسم الصيفي للسينما المصرية رسميا قبل أيام، وهو الموسم الذي يصفه المراقبون بأنه الأسخن والأصعب على الإطلاق، ومن خلاله سيتحدد مصير العديد من النجوم، ويستمد موسم صيف 2008 طابعه الخاص من عاملين أساسيين، أولهما كثرة وضخامة الأفلام المشاركة سواء من ناحية أسماء النجوم، أو التكاليف التي تحتاج لتحقيق إيرادات كبيرة لضمان تعويض المنتجين ما دفعوه في تلك الأفلام، سواء جاءت تلك الايرادات من داخل أو خارج مصر، أما العامل الثاني فهو اقتراب شهر رمضان هذا العام ، أي انتهاء الموسم مبكرا عن كل المواسم السابقة، وهو عامل لا دخل لصناع السينما به بكل تأكيد، وعليهم التكيف معه، لهذا سيحاول المنتجون ابتداءاً من العام المقبل تنويع المواسم، خصوصا وأن رمضان 2009 ينهي موسم الصيف تماما، ويأمل المنتجون في قدرة الافلام والنجوم على جذب الجمهور المصري في أي وقت دون الارتباط بالإجازة الصيفية أو إجازات الأعياد، الشرق الأوسط أعادت قراءة أفلام الموسم الساخن، وصنفت كل مجموعة منها كالتالي .
اللعب من الكبار
اللعب من الكبار
ستة أفلام تعرض هذا الموسم يعتبرها النقاد والصحفيون "أفلام الكبار" التي من المفترض أن تسيطر على شباك التذاكر، لو لم تحدث أي مفاجأت، في المقدمة "حسن ومرقص" الفيلم الذي يجمع عادل إمام وعمر الشريف للمرة الأولى، ويدور حول قضية "الفتنة الطائفية" التي شهدت مصر مؤخراً حوادث تتعلق بها، بعد فترة من الهدوء، ومن أجل جمع عادل إمام وعمر الشريف دفعت الشركة المنتجة حسبما يتردد في الكواليس مليون يورو للشريف، وقرابة 2 مليون دولار لعادل إمام، والأخير يظهر في شخصية مدرس لاهوت قبطي، بينما الأول شيخ مسلم، وكلاهما سيتبادل الأدوار هربا من المتشددين، لتأتي فترة على المشاهد لا يعرف فيها من المسلم ومن المسيحي حسبما يؤكد المؤلف يوسف معاطي، الفيلم إخراج رامي إمام، وبطولة لبلبة وهناء الشوربجي ومحمد عادل إمام وشيري عادل ونخبة كبيرة من الممثلين .
للشركة نفسها بدأ عرض "ليلة البيبي دول" الذي يضم نجوم من نوعية نور الشريف، محمود عبد العزيز، جمال سليمان، سلاف فواخرجي، وأخرين، غير أن النقد السلبي للفيلم، وإتهامه بالتفكك والتشتت في جمع قضايا عديدة خلال 150 دقيقة، أثر كثيرا على تقبل الجمهور له، لكن حتى الان لا يمكن الحكم على ايرادات العمل، وهو أخر ما كتب عبد الحي أديب، وإخراج عادل أديب .
يأتي بعد ذلك جواد الكوميديا الرابح في المواسم الثلاثة الأخيرة "أحمد حلمي"، بفيلمه الجديد "فاصل شحن" وله أسم أخر " اسف على الإزعاج" الفيلم تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج خالد مرعي، وبطولة منة شلبي ومحمود حميدة، ويدور حول شاب مرتبط بشدة بوالده وعندما يتوفي الأب يعيش مرحلة من عدم التوازن حتى يقابل فتاة تعيد له حياته من جديد، ويعتمد حلمي دائما على طريقته الخاصة في الإضحاك والتي حققت له المركز الأول في الايرادات خلال العامين الأخيرين .
غير ان عرش الكوميديا لازال يذكر نجمه الأول في السنوات الأخيرة "محمد سعد" والذي تعرض لأزمة لا يحسد عليها عندما اعتذر المخرج عمر عرفة عن إستكمال تصوير فيلمه الجديد "بوشكاش" بعد انتهاء نصف المشاهد تقريبا، وهي الازمة التي كانت حديث الوسط الفني في نهاية شهر ابريل الماضي، لكن سعد تحدي الجميع، واستعان بالمخرج أحمد يسري وبدأ التصوير من جديد، واستبدل نور بالفنانة زينة، كما جاء أحمد راتب خلفا ليوسف شعبان فيما ظل عزت أبو عوف في مكانه، ويدور الفيلم حول لاعب كرة سابق فشل في الملاعب فقرر العمل في مجال بيع وشراء اللاعبين .
مع الكبار أيضا يتواجد أحمد عز بفيلم "مسجون ترانزيت" مع نور الشريف وإيمان العاصي والمخرجة ساندرا نشأت، ورغم أن عز لم يدخل اطلاقا قائمة الخمس الأوائل في شباك التذاكر، لكنه يتمتع بجماهيرية كبيرة يطمح لزيادتها مع الفيلم الجديد الذي يدور حول شاب متخصص في صناعة وإصلاح الخزائن الحديدية قبل أن يتهم بسرقة أحداها فيسعى لإثبات براءته .
الفيلم السادس والأخير، هو الوحيد الذي يصنف بأسم مخرجه لا أبطاله، وهو الأول لخالد يوسف في موسم الصيف بعدما حقق ايرادات كبيرة مع "حين ميسرة" قبل عدة شهور، لكنه من خلال فيلمه الجديد "الريس عمر حرب" يطمح لتقديم مجتمع مغاير لعالم العشوائيات الذي قدمه بجرأة في "حين ميسرة"، حيث يدخل خالد يوسف عالم الليل، وصالات القمار، من خلال الصالة التي يملكها خالد صالح، ويعمل فيها هاني سلامة وسمية الخشاب وغادة عبد الرازق، ويديرها خالد صالح أو "عمر حرب" وكانها دولة مستقلة لها قوانين وأعراف، ويسعى خالد يوسف من خلال هذا الفيلم للتأكيد على ان القوى الكبرى تدير العالم وكأنه صالة قمار فيها الخاسر معروف والرابح محدد مسبقاً .
البحث عن شباك التذاكر
في سباق هذا الموسم تشارك عدة أفلام تحت شعار "البحث عن شباك التذاكر" فأصحابها يطمحون في تحقيق مفاجأت ومنافسة الكبار، في المقدمة يأتي فيلم "إتش دبور" الذي يلعب بطولته أحمد مكي مع إنجي وجدان وحسن حسني ولطفي لبيب والمخرج أحمد الجندي، وهو الفيلم الذي تطمح الشركة العربية لتحقيق مفاجأة من خلاله اعتماد على شخصية "هيثم دبور" التي قدمها مكي بنجاح في العامين الأخيرين، كما أن تميز دور مكي في فيلم "ليلة البيبي دول" سيشجع مزيد من الجمهور على مشاهدة بطولته المطلقة الأولى، ويدور الفيلم حول شاب "تافه" يعيش حياته بلامبالاة رغم أنه من أسرة عريقة في العلم والثقافة، وعندما يتعرض لأزمة مالية يضطر للحياة في مكان شعبي فيبدأ الصدام الكوميدي بين الطبقات، ويتخلص مكي من الباروكة الشهيرة في هذا الفيلم ليقدم شخصيات مغايرة في أفلامه المقبلة .
كما بدأ عرض فيلم "كباريه" الذي يعتمد على وجود عشرين ممثل وممثلة أبرزهم، فتحي عبد الوهاب وخالد الصاوي وأحمد بدير وهالة فاخر وجومانة مراد ودنيا سمير غانم، وهو عمل وصفوه الكثيرون بالمغامرة من المنتج أحمد السبكي والمؤلف احمد عبد الله والمخرج سامح عبد العزيز، غير أن الإنطباعات الواردة عن العرض الخاص الذي أقيم يوم الثلاثاء الماضي تقول أن الفيلم يتمتع بمستوى فني جيد عكس ما تتهم به عادة أفلام عائلة السبكي .
وللسبكي أيضا فيلم "بلطية العايمة" الذي يعيد البطولة المطلقة مرة أخرى لعبلة كامل مع إدوارد ومي كساب، والمخرج علي رجب، ويدور حول سيدة تعمل في مهن بسيطة على كورنيش الإسكندرية، لكنها تفاجئ بمحاولات رجال الاعمال للإستيلاء على الأرض التي تعيش فيها، فتقود مقاومة شعبية تتنافى تماما مع بساطتها التي تظهر في اول الفيلم .
الفنان هاني رمزي يطمح أيضا للعودة للمنطقة الدافئة في شباك التذاكر من خلال فيلم "نمس بوند" مع دوللي شاهين والمخرج أحمد البدري، ويدور حول "شريف النمس" محقق شرطة، يبحث في سر جريمة قتل، ويطارد الزوجة المشتبه فيها قبل أن يقع في غرامها .
أما أخر الافلام التي تغازل شباك التذاكر، فهو " أدرنالين" والذي إتخذت المنتجة إسعاد يونس قراراً مفاجئاً بعرضه في موسم الصيف رغم انتماءه لسينما الإثارة والرعب لا الكوميديا، وذلك بهدف تقديم نوعيات جديدة للجمهور، والعمل هو الأول للمؤلف محمد عبد الخالق والمخرج محمود كامل، وبطولة خالد الصاوي وغادة عبد الرازق وإياد نصار ونجم ستار اكاديمي هاني حسين .
المطربون يتنافسون
أصبحت السينما في السنوات الأخيرة، معيار أساسي في تقييم مكانة كل مطرب، خصوصاً في جيل الشباب، بالتالي لم يعد غريبا أن يهتم عدد من المطربين بتواجد منظم في صالات العرض، أو يتطلع أخرون لدخول هذا المجال سريعا، موسم الصيف يستقبل أربعة أفلام تعتمد على مطربين في المقام الأول، أبرزهم على الإطلاق فيلم "هيما" لتامر حسني وزينة وعلا رشدي وأحمد راتب وهو العمل الأول للمخرج نصر محروس، يدور الفيلم حول سائق أتوبيس مدرس يعيش الحياة بفلسفة خاصة ويرعى شقيقته الصغيرة بعد وفاة الأم والأب، قبل أن تتعرض الشقيقة للخطف وينجح في استعادتها، ويلعب الفيلم في خط أساسي له على وتر الوحدة الوطنية، ويعد الفيلم الرابع لتامر حسني ويأمل المطرب المثير للجدل، في تكرار الإيرادات الكبيرة لفيلمه الأخير "عمر وسلمى"، كما جهز بالطبع عدة أغنيات جديدة للدعاية لهذا الفيلم .
المطرب الثاني والذي يعد مفاجأة الموسم هو "حمادة هلال" الذي تخلى على الطابع الرومانسي الكوميدي في أفلامه الثلاثة السابقة، ليقدم هذا العام نفسه للجمهور في شخصية ملاكم يسعى لتحقيق بطولة عالمية رغم الصعاب، وغير حمادة من ملامح وجهه تماما واختفى عن الأنظار لفترة ولم يشارك في أية حفلات من أجل "حلم العمر" الذي يشارك في بطولته توفيق عبد الحميد ورامي وحيد ودينا فؤاد والإخراج لوائل إحسان .
المطرب الثالث مصطفى قمر الذي يقدم فيلم يدور في عالم المخدرات لكن في إطار كوميدي وهو "مفيش فايدة" للمخرج حاتم فريد، وعاني الفيلم من عقبات انتاجية أجلت وصوله للجمهور، وهو بطولة بسمة وأدوارد، وكان مصطفى مصنفاً كأبرز مطرب في مجال السينما لعدة سنوات، قبل أن يدخل تامر حسني على الخط .
وسط المطربين الثلاثة تتواجد للمرة الأولى المطربة اللبنانية مادلين مطر التي تطل على الجمهور المصري من خلال فيلم "أخر كلام"، مع المخضرم حسن حسني والطفلة الصغيرة منة عرفة، والمخرج أكرم فريد، وتردد لفترة طويلة أن مادلين قبلت النص الذي اعتذرته عنه هيفاء وهبي وكان يحمل الأسم نفسه، ورغم نفي مادلين لذلك، لكن الصحفيين ينتظرون إطلاق الفيلم للمقارنة بين القصتين، ويدور "أخر كلام" حول فتاة تحلم بأن تصبح نجمة لكن والدها يعترض، وعندما يصاب بازمة صحية تضطر للمشاركة في برنامج اكتشاف نجوم، لتحقق حلمها من جهة وتساعد والدها من جهة أخرى، وكان الفيلم قد حمل لفترة أسم "كدبة وقلبت جد" لكن الاعلانات الأخيرة حملت الأسم الأصلي "أخر كلام "
ضحايا الموسم
كما يحدث في كل صيف، يتم طرح عدة أفلام في بداية السباق، تحديداً في نهاية مايو وأول يونيو، من اجل تسخين الأمور حتى تجهز أفلام الكبار، في الوقت نفسه لا يجد أصحاب تلك الأفلام بداً من النزول في هذا التوقيت المبكر، لأن الرفض يعني الانتظار لمرحلة ما بعد عيد الفطر، وتأجيل الفيلم لأجل غير معلوم، بالتالي استقبلت دور العرض فيلم "الغابة" قبل أسبوع، وهو فيلم يدور عن "أولاد الشوارع" ويصفه النقاد بأنه واقعي أكثر من اللازم، والبطولة لأحمد عزمي وحنان مطاوع وريهام عبد الغفور وباسم سمرة، والإخراج لأحمد عاطف الذي يصمم في تصريحاته على أن فيلمه نجح في المهرجانات التي شارك فيها، أما الفيلم الثاني فهو "على جنب يا أسطي" للفنان المحبوب أشرف عبد الباقي، والذي تعرض لعدة عقبات انتاجية قبل أن يصل للجمهور يوم الأربعاء الماضي، ويحمل الفيلم قضية إجتماعية مهمة ويعتمد على فكرة جديدة غير أنه قد لا يصمد طويلاً أمام أفلام الكبار، ويدور الشريط حول "صلاح" سائق التاكسي الذي يقابل نماذج وحكايات متنوعة من كل الطبقات والثقافات ويستعرض الفيلم للكثير من الأمراض التي أصابت المجتمع المصري مؤخراً، واعتمد المخرج سعيد حامد على مشاركة عدد كبير من ضيوف الشرف مثل أحمد السقا وسمير غانم وداوود حسين وأحمد رزق وماجد الكدواني في مشهد واحد وكلهم أدوا دور الركاب، فيما البطولة الرئيسية لأسر ياسين واروة جودة وروجينا .
في الوقت نفسه لم يتأكد خبر عرض فيلم "شقاوة" لسامو زين والمخرج أحمد البدري، والفيلم مؤجل منذ فترة طويلة، ويدور حول شاب يتورط في مهمة تربية أطفال صغار .
الغائبون الثلاثة
يغيب عن موسم صيف 2008 ثلاثة أسماء ذات وزن كبير في شباك التذاكر، فالفنان أحمد السقا الذي حقق إيرادات كبيرة بفيلمه الأخير "الجزيرة" وفي الصيف الماضي فيلم "تيمور وشفيقة"، لازال يواصل تصوير فيلمه الجديد "ديلر" مع خالد النبوي ومي سليم والمخرج أحمد صالح، ويدور حول شاب يعمل في صالة قمار، لكن بدء تصوير الفيلم نهاية شهر أبريل حال دون وصول الفيلم لجمهور الصيف لأن فترة التصوير نفسها طويلة، كما أن أفلام السقا تحتاج لوقت أكبر في التجهيز وإضافة المؤثرات الصوتية والبصرية، فاتفق فريق العمل على تأجيل الفيلم خصوصاً بسبب الزحام الشديد في أقصر موسم صيفي على الإطلاق، الأمر نفسه تكرر مع فيلم "المحترف" لكريم عبد العزيز، والذي تشارك في بطولته غادة عادل وعلا غانم مع المخرج أحمد جلال، حيث بدأ التصوير متأخراً عن موعد تصوير أفلام الصيف، كما ان كريم كان شريك أحمد السقا في تحقيق الايرادات الكبيرة في موسم عيد الأضحى بفيلمه الأخير" خارج عن القانون" بالتالي كلاهما ليس بحاجة قوية للتواجد في موسم الصيف، غير أن الغائب الأبرز هو محمد هنيدي الذي يغيب عن هذا الموسم لأول مرة منذ عشر سنوات، باعتباره صاحب الضربة الأولى في وجود موسم صيفي من الأساس، لكن وفاة والد هنيدي، ثم إجراءه لعملية جراحية، وعدم وضع الرتوش النهائية على السيناريو الذي كتبه يوسف معاطي، كل هذا ساهم في خروج هنيدي من السباق .
محمد عبد الرحمن
جريدة الشرق الأوسط اللندنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق