السبت، 12 ديسمبر 2020

طوفان "التعليقات الشرسة" يطارد النجوم !

 نقلا عن مجلة صباح الخير

 

وجه كلمة لفلان .. لو كنت متابعا لمواقع التواصل الإجتماعي فقد مرت أمامك العبارة السابقة أكثر من مرة بالتأكيد، حيث تستخدم صفحات الصحف والقنوات تلك الحيلة من أجل زيادة "الريتش"، يقوم أحد المشاهير بتصرف سلبي عادة وإيجابي أحيانا ويصبح حديث الناس على "التايم لاين" فتوضع صورته في إطار وعليها هذه العبارة ويُترك للناس توجيه ما يعتبرونها تنفسيا وحرية رأي وهو أبعد ما يكون عن الرأي والحرية، لتكون مثل هذه الحيل الصحفية و"الفيسبوكية" إذا جاز التعبير بداية ظاهرة يعاني منها الفن والنجوم حاليا، ونرصدها في السطور المقبلة، ظاهرة "التعليقات الشرسة" حيث يواجه الفنانون هجوما عنيفا وشبه دائم من المتابعين بات البعض يتوقع أنه موجه وليس عفويا.

 

قبل أن كمل نتوقف أولا أمام تعريف "الريتش" فهو الموازي للترافيك، الأخير مرتبط بعدد زيارات الجمهور لمواقع الأخبار، والأول عدد زيارات الجمهور لمنشورات الصفحات عبر فيس بوك وتويتر وغيرها من منصات التواصل أو التباغض الإجتماعي كما يسميها الرافضون لنتائجها السلبية، أما "التايم لاين" فهو تعبير عن ما يتابعه المستخدم لفيس بوك او تويتر عبر حسابه الشخصي وهو نتاج من يتابعهم سواء كانوا أشخاص أو صفحات أو مجموعات "جروبات" .

تهم الصحف بالريتش بدرجة كبيرة، على سبيل المثال تخيل أن هناك موقفا انتقد فيه البعض الفنان محمد رمضان، وقامت صفحة تابعة لجريدة ما بنشر صورته مع عبارة "وجه كلمة لمحمد رمضان بعد كذا وكذا" وبما أن كثيرين يرفضون ما يقدمه النجم المثير للجدل، فسيقومون بالكتابة أو وضع رموز "ايموجي" وقد يصل التفاعل مثلا إلى أكثر من مليون شخص،  هذا مكسب للصفحة، لكنه خسارة للفن، حيث بات كل النجوم تحت مقصلة الجمهور، أو لنقل فئة منهم تشعر بغضب شديد تجاه "شخص" النجم وليس فقط ما يقدمه الأمر الذي حول العلاقة بين الفنانين والمتابعين إلى توتر دائم، ووصل إلى درجة تقديم النجم بلاغات في الجمهور، او العكس حيث قدم احدى الفتيات بلاغا ضد ممثل معروف لأنه تجاوز ضدها في تعليق عبر حسابه على انستجرام .

أسنان مدببة

ما سبق لا يعني أنني أتهم الصحافة فقط  بأنها سبب تدهور العلاقة بين الفن والجمهور على السوشيال ميديا، من خلال تعمد نشر الأخبار بطريقة تجعل الفنان دائما محل انتقاد، مثل نشر صورة فنانة مصابة بفيروس كورونا وهي ترتدي فستان لافت للانتباه في افتتاح أحد المهرجانات، فيقوم البعض بالتعليق شماتة فيها لأنها غير محتشمة فيدخل أخرون ويدافعون عنها ويضيع الخبر الأصلي أن هناك إنسانا أيا كانت مهنته مصاب بالفيروس اللعين، وطبعا لو تم نشر الخبر بصورة عادية لا تثير الجدل، سينخفض حجم "الريتش" إلى النصف وربما أقل من ذلك وهو ما تعتبره الصحف خسارة قريبة دون النظر للخسارة الأبعد، تلك المرتبطة بمكانة الفن المصري وبتحويل الجمهور عبر مواقع التواصل إلى أفواه بأسنان مدببة قادرة على جرح أي شخص أيا كان، وبعد الفنانين سيكون الصحفيين أول من تطالهم "شراسة" المعلقين فنكون كمن جهز المذبح لنفسه وأن لم يكن أول الضحايا.



نموذج صلاح

يقول البعض أن هناك لجانا إلكترونية تشجع على ذلك هدفها تدمير ثقة المجتمع بالنخبة، أمر وارد طبعا فالحرب الإعلامية على المصريين لا تنتهي، لكن لماذا نعطيهم السلاح بأيدينا، تكلمنا عن دور الصحافة في ذلك فماذا عن الفنانين، هل هم أبرياء بالكامل من صناعة الطوفان، بالعكس البداية كانت عندهم، فلم يكونوا مثل باقي المصريين مستعدين للتعامل مع وسائل التواصل، غرتهم الملايين التي تتابعهم ولم يدركوا أن من بينهم مئات الاف من القنابل الموقوتة، خدعتهم المكاسب المادية ولم يدركوا أنها ستزول إذا زادت التعليقات السلبية.

نجم كمحمد صلاح، يتابعه على انستجرام أكثر من 40 مليون شخص، لماذا لم تحدث أزمة واحدة بينه وبينه المتابعين، لماذا لم يتحول لمرة واحدة إلى ترند بسبب صورة غريبة أو فيديو لا يليق، ببساطة لأنه لا يدير الحساب بمفرده، هناك مؤسسة تتعامل وتعرف ماذا ومتي يقول، وكيف يدعم حملة وكيف يتجاهل أخرى، لكن بعض نجومنا حتى لو كان لديهم مساعدين فإن دورهم قاصر على نشر نجاحات النجم وتفاعل الجمهور معه فيما النجم نفسه يتبادل التعليقات مع زملاءه والمتابعين وكأننا في عصر "الهوتمايل ماسينجر" حيث لا أزمات تنتج عن أي تعليق غير مرغوب فيه .

 

تفاصيل مستفزة

 

الكم الكبير من تفاصيل حياة النجوم الذي بات متاحا على السوشيال ميديا عاد عليهم قبل أي فئة أخرى بصورة عكسية، نشر اليوميات، التواجد في حمامات السباحة، الفنادق الفخمة، السيارات الفارهة، كواليس التصوير والمكياج وتصميم الملابس، هناك فئة كبيرة تحب كل هذا، لكن التكثيف منه وعدم اختيار التوقيتات المناسبة، أثار غضب فئة أخرى، تشعر بالطبقية دوما وبانفصال الفنان عن مجتمعه، ربما تكون أيادي خارجية استغلت ذلك،  ودفعت "لجانها الالكترونية" لتشويه الفن المصري فترمي "الطعم" لأصحاب التعليقات الشرسة، لكن حتى لو لم يحدث فأن الناس في بلادنا باتوا مستعدين لهدم أي قيمة وأي شخص عبر مجموعة من التعليقات .

هل من حلول، طبعا، إعادة النظر أولا في طريقة تعامل الفنانون والصحف مع الناس على السوشيال ميديا، التنازل عن المكاسب القريبة المتمثلة في الريتش والترافيك، من أجل الحفاظ على الجمهور الواعي المتابع بحق الذي انصرف تماما هربا من جحيم التعليقات الشرسة، أن يفكر الفنان ألف مرة قبل نشر صورة أو تعليق، وأن يقتصد ولا يفرط، فهذا أفضل للجميع، أن تقوم الجهات المعنية بالطب النفسي والمجتمعي  بمراقبة الظاهرة وتدريب مديري الصفحات على استعياب هؤلاء والرد عليهم وتفنيد كلماتهم ومحاولة فهم السبب الحقيقي وراء كل هذا الغضب.

محمد عبد الرحمن يكتب : دروس وحيد حامد السبعة

نقلا عن مجلة صباح الخير

 

صحيح أن كثيرين يطلقون عليها دورة كورونا، لكن بعد زوال الفيروس وانتهاء أيامه الصعبة، أتوقع أن يتغير هذا الوصف في ذاكرة من حضروها، لتصبح دورة وحيد حامد، السينارست الكبير أضاف تكريمه الكثير للدورة الثانية والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي والذي اختتم فعالياته يوم الخميس الماضي، كتاب مهم عنه أصدره المهرجان بقلم الناقد المخضرم طارق الشناوي، وندوة حاشدة حضرها رقم قياسي من النجوم أكدت قيمة الرجل وفخامة الحدث، ومن خلالها أطلق السينارست الذي اعتاد اللعب مع الكبار دروسا في المهنة والحياة يمكن تلخيصها في الفقرات المقبلة.

 

الدرس الأول

أقسم صاحب "النوم في العسل"  أنه لم يتبني أي قضية إلا وكان مقتنعا بها سواء كان محقا أو مخطئا، السينارست الكبير يؤكد هنا أن الإنسان عموما والمفكر خصوصا قد يتبني أفكارا خاطئة ويتراجع عنها لاحقا لكنه وقت تبنيها يجب أن يكون مقتنعا وغير متأثر بالأخرين أو باحثا عن مكسب، ما يفسر لماذا عاشت أفلامه كل هذه السنوات ولماذا اعتبره المراقبون أكثر من تبنأ بقضايا ومواقف بعينها تحققت بعد ذلك على أرض الواقع.

الدرس الثاني  

قال مؤلف "الجماعة" أنه جدد شبابه الفني بالعمل مع المخرجين الجدد، في نصيحة لكل من يريد أن يتجدد باستمرار بعدم الثقة في قدراته الشخصية بل في تكوين فريق عمل متجدد والتعامل مع أفكار الآخرين خصوصا الموهوبين منهم، حامد تعامل مع شباب المخرجين واعطاهم الثقة لكن بعدما تأكد من أنهم موهوبون فعلا، ولنا في أسماء مثل محمد ياسين وتامر محسن دليلا قويا على مدى صحة هذا الدرس.

الدرس الثالث

أرى السيناريوهات على مكتب ابني مروان ولا أفكر في الاقتراب منها أو أفرض عليه رأيي، بل أتابع نجاحاته من كلام الناس على أفلامه، هنا الدرس من الأب وليس فقط السينارست، كونك فنان ومبدع كبير لا يعني أن تفرض أسلوبك على ابنك وتختار وتقرر له، درس يفسر لماذا حقق مروان حامد نجاحا كبيرا في مجاله دون أن يجرؤ أحدهم على اتهامه بأنه استعان بنفوذ الأب واسمه، بل أن حامد تحديدا لم يتعامل مع ابنه كمخرج إلا مرة واحدة في "عمارة يعقوبيان" .



الدرس الرابع

الفنان الحقيقي يستطيع تخطى عقبات الرقابة، هكذا كشف صاحب "البرئ" عن سر المهنة أو بمعنى أدق شفرة التعامل مع الرقابة، كيف تصيب الهدف بشكل غير مباشر فيفهمك الناس ويضع الرقيب مقصه في الدرج، كان يكتب مشاهد زائدة يعلم أنها ستزعج الرقيب ليتنازل عنها لاحقا من أجل تمرير مشاهد أخرى، غير أن جمل الحوار غير المبتذلة، والكلام المناسب لكل شخصية كان أيضا من العوامل المساعدة لتفادي مشكلات عديدة مع الرقابة فقط لأن الرؤية الفنية للسينارست تصل بالفكرة دون المباشرة التي تزعج حامل المقص.

الدرس الخامس

يوسف إدريس نصحه بأن يترك القصة القصيرة ويتجه للدراما، فبدأ من الإذاعة، وطوال المشوار كان الدعم من شخصيات مثل محمود مرسي ورأفت الميهي وغيرهم الكثير دليل على أن الكبير لا ينمو إلا بمساعدة الكبار، درس صاحب "إضحك الصورة تطلع حلوة" هناك موجه للمجتمع ككل، ولشباب الجيل الحالي، أن لا تطور إلا بدعم الكبار لكم، وأن المجتمع لن يستقيم وأجياله منفصلة عن بعضها البعض.

الدرس السادس

"الوتد" كلمة واحدة فقط كانت من نصيب الإعلامية الكبيرة زينب سويدان في الندوة التي استمرت قرابة الساعتين، كلمة واحدة لكن حامد قدم فيها درسا لكل من يظن أن الرجل العظيم يمكن أن ينجح بمفرده، وأن أهم صفات هذا "الوتد" هو التضحية وعدم انتظار الوقوف تحت الأضواء أو الظهور بجوار الزوج ثم الإبن، فقط الاستمتاع بنجاحهما على شاشات السينما وفي المهرجانات لتصل الرسالة أن وراء وحيد ومروان، زوجة عظيمة وأم أعظم. 

الدرس السابع

لن أقول الأخير، فالندوة مليئة بدروس آخرى وأدعوكم للبحث عن نسختها المرئية، يقول حامد بالحرف "كل قرش دخل بيتي وجيبي من قلمي، ولم أكسب أي شئ بجهد حقيقي"، ربما هذه الجملة تحديدا تفسر كل هذا الاحتفاء بوحيد وتوضح سبب بقاء أفلامه، هي رسالة لكل مبدع حقيقي بأن الموهبة وحدها تكفي لو كانت حقيقية وصادقة وتلمس حياة الناس ومشكلاتهم وبعدها ستأتي الأموال والمكاسب التي لا تجعل صاحبها بحاجة للدخول في حسابات معقدة، أو هكذا أخبرنا صاحب "أخر الرجال المحترمين" .