الثلاثاء، 29 يوليو 2008

مصر كلُّها في وداع يوسف شاهين


حكومة ومعارضة، مسيحيون ومسلمون، محجّبات وسافرات، أطفال وشيوخ... اجتمعوا في الجنازة ليؤكدوا أن الوحدة الوطنية لا تحتاج إلى أدلّة ... ولا حتَّى إلى أفلام!


ترك يوسف شاهين رسالة أخيرة قبل رحيله: الوحدة الوطنية لا تحتاج إلى دليل ولا حتى إلى أفلام، فقط إلى رموز يستطيعون جمع المصريين على قلب رجل واحد. جنازة جو أمس في القاهرة جمعت المئات داخل كنيسة القيامة: مسيحيون ومسلمون، محجبات وسافرات، أطفال وشيوخ، ممثلون ونقاد وحتى متفرجون، حضروا جميعاً، ليؤكدوا أنّ وداع الكبار لا يختلف، سواء خرج الراحل من مسجد أو من كنيسة. وهذا الدرس علّمه شاهين لتلاميذه، عندما كان يحرص على وداع محبيه في مساجد «عمر مكرم» و«السيدة نفيسة «و«مصطفى محمود»... مشهدٌ يعرفه بالتأكيد مَن يحضر جنازات الفنانين. لكنّ الدور جاء أمس على «الأستاذ» الذي اختلف حوله كثيرون في حياته، وأجمعوا على احترامه عند إعلان وفاته.في الساعات الأولى من صباح أمس، اتجهت جميع الأنظار صوب مكانين: الأول، مستشفى القوات المسلحة في المعادي، المكان الذي قضى فيه جو أيامه الأخيرة. والمكان الثاني هو كنيسة القيامة للروم الكاثوليك في شارع الضاهر في الفجالة، وهي أصبحت أشهر كنيسة مصرية في اليومين الأخيرين. ولأن المستشفى يسير حسب قواعد عسكريّة صارمة، ذهب معظم المحبين والمفجوعين برحيل شاهين إلى الكنيسة التي استعدت باكراً للحدث الجلل. تزامن ذلك مع استعدادات مكثّّفة لرجال الأمن والحكم المحلي: جرى تنظيف الشوارع بعناية وتنظيم المرور وتجهيز الموقع لاستقبال المعزين الذي توافدوا من العاشرة صباحاً، وخصوصاً مع تضارب موعد القداس بين الثانية عشرة والواحدة ظهراً.ظهور الفنانين بدأ باكراً، وبعد ساعة واحدة تحوّل السؤال مِن: «مَن أتى» إلى «مَن لم يأتِ بعد». ذلك أن كثافة الحضور الفني كانت واضحة، كما أن طريقة الجلوس داخل الكنيسة سمحت للكاميرات بالتقاط صور للفنانين بسهولة. وهذا الحضور الفني أعطى للحدث «مذاقاً خاصاً»، لكون معظم الأسماء قدّمت مع شاهين أبرز أدوارها. بالتالي، لم يكن من الصعب تذكّر شخصية «لويزا» في فيلم «الناصر صلاح الدين» فور ظهور نادية لطفي، وشخصية «الخليفة المنصور» في «المصير» بعد حضور محمود حميدة، وفيلمي «الأرض» و«الاختيار» مع وصول عزَّت العلايلي... وعندما فوجئ بعضهم بحضور نجوى إبراهيم، جاء الجواب السريع: أبرز فيلم قدمته في السينما كان «الأرض» مع يوسف شاهين.بدا التأثر واضحاً على هاني سلامة وخالد النبوي، بطلي «المصير». كذلك جاء حضور خالد صالح للجنازة منطقياً، فشاهين نقله إلى مستوى رفيع في آخر أفلامه «هي فوضى». فيما كانت دموع يسرا صادقة بكل تأكيد، وهي التي قدمها شاهين بطلة أولى في «إسكندرية كمان وكمان» وعادت للظهور معه مراراً، وصولاً إلى «إسكندرية نيويورك».أما الحضور الرسمي، فكان ضعيفاً في البداية. وخلص الحاضرون إلى مقاطعة الحكومة لجنازة المخرج الذي هاجمها بشدة وشارك في تظاهرات سياسية وعمره ثمانون عاماً. لكن ظهور وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب مفيد شهاب، ووزير البيئة ماجد جورج قلّل من الغضب تجاه الدوائر الرسمية، وخصوصاً مع انتشار معلومة تؤكد أن الوزراء خارج القاهرة بسبب زيارة الرئيس مبارك إلى جنوب أفريقيا، وكان بعض الوزراء الآخرين في زيارات ميدانية في المحافظات صعُب إلغاؤها. وبالتالي، لم يحضر الجنازة وزيرا الثقافة والإعلام.على النقيض تماماً، كان حضور رموز المعارضة واضحاً، وخصوصاً التيار اليساري المتمثل في قيادات التجمع حسين عبد الرازق وفريدة النقاش، ورئيس «حزب الوفد» محمود أباظة، والنائب الصحافي حمدين صباحي، رئيس حزب «الكرامة». وهذا الأخير ظهر ممثلاً في فيلم «الآخر»، مع زميله محمود سعد الذي شارك بدوره في لحظات الوداع. وتُلي في نهاية الجنازة، نعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام.


محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

نجوم


غاب عن وداع شاهين كبار الممثلين مثل فاتن حمامة وهند رستم وأحمد رمزي وعمر الشريف. كذلك لم يحضر عادل إمام ونور الشريف وليلي علوي ومحمد منير مراسم التشييع. ومن المتوقع حضور بعضهم العزاء في استديو نحاس في مدينة الفنون.
◄ الفنانة التونسية لطيفة لم تستطع بدورها الحضور بسبب ارتباطاتها الفنية في تونس حيث تستعد للغناء في «قرطاج». ولطيفة قدمت إلى السينما فيلماً واحداً، كان من توقيع شاهين، هو «سكوت حنصوّر».
◄ محمود ياسين، وحسين فهمي، وشهيرة، ومحمود حميدة، وحسن كامي، والمخرج أسد فولادكار كانوا في مقدمة الحاضرين إلى الكنيسة قبل موعد الصلاة بساعتين تقريباً. واستمر توافد الفنانين والإعلاميين حتى خروج الجثمان من الكنيسة ـــــ حيث كان المئات في انتظاره ـــــ متوجهاً إلى الإسكندرية.
◄ بدا التأثر واضحاً على تلاميذ شاهين والفنانين المقربين منه. ولم يتمالك معظمهم نفسه، وانهمرت الدموع، وخصوصاً في اللحظات الأخيرة للقداس عند تلاوة تراتيل الوداع. وأبرز المتأثرين خالد يوسف، ويسري نصر الله، ومنال الصيفي، وحسين فهمي، ويسرا، ولبلبة. كما بدا التأثر على مجموعة شبان وفتيات لم يكونوا مقربين من شاهين، علماً أن مجموعة مخصصة لوداع شاهين انطلقت على «فايس بوك» فور إعلان الخبر صباح أول من أمس.
◄ بعض الحاضرين فوجئوا بخبر وفاة الممثل أحمد محرز الذي شارك في بطولة أفلام لشاهين أبرزها «عودة الابن الضال» و«اسكندرية ليه» و«سكوت حنصوّر». وعندما تساءل بعضهم عن سبب غيابه، أُعلن عن وفاته بهدوء قبل أسابيع.
◄ وصل جثمان يوسف شاهين كاتدرائية القيامة، في تمام الساعة الثانية عشرة والربع ظهراً. ما أحدث خللاً في خطط بعض المعزّين، وخصوصاً رجال الدولة. وبعدما أشيع عن إقامة الجنازة عند الواحدة ظهراً، وصل بعضهم إلى الكنيسة في لحظات الدفن الأخيرة.
◄ أجَّل الزحام الشديد خروج الجثمان من الكنيسة حوالى نصف ساعة.
◄ السيارة التقليدية التي أقلت الجثمان من المستشفى إلى الكنيسة وكان رقمها « 63 تحت الطلب» لم ترافق النعش إلى الإسكندرية. إذ جرت الاستعانة بسيارة حديثة مخصصة لهذا الغرض حملت الرقم «909 تحت الطلب».
◄ قوبل إعلان إقامة العزاء في مدينة الفنون بارتياح من جانب الحاضرين. إذ ستتحول وفاة شاهين إلى حدث يجمع كل أفراد الوسط الفني المصري، في المكان الذي انطلق منه رموز هذا الفن.


محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

سكوت حَنصوّّر


التغطية الإعلامية المكثّقة لجنازة يوسف شاهين لم تعكس مكانة الراحل فحسب، بل كشفت خللاً واضحاً في طريقة تعامل الفضائيات العربيّة مع حوادث مماثلة، كما كشفت عن تدنّي المستوى الثقافي عند بعض المراسلين. لكن التعميم غير جائز، ذلك أن الخبرة ساعدت فريق قناة art على نقل الجنازة على الهواء مباشرة، فيما غابت «روتانا سينما» تماماً عن الحدث، ربما تأثّراً بغياب هالة سرحان، العقل المدبّر في مناسبات مماثلة. لكنّ مراسلي القنوات العامة وبعض الوكالات كانوا عبئاً على لحظات الوداع. إذ تعامل معظمهم مع الحدث على أنه فني، لا يختلف كثيراً عن العرض الخاص بفيلم جديد. وبالتالي، لا مانع من طرح السؤال نفسه على عشرات الفنانين، حتى لو كانت الإجابة واحدة. وذلك قد أزعج كثيرين، ما عدا من قرر التزام الصمت منذ البداية، مثل يسرا ومحمود عبد العزيز.فيما استغل بعض المغمورين اهتمام الفضائيات بهم، ليتحدثوا عن شاهين. هكذا مثلاً، حصلت زيزي مصطفى على فرصة الظهور المتكرر لمجرد أنها والدة بطلة فيلمه الأخير (منة شلبي)، وأجرت غادة إبراهيم أكثر من لقاء لأن مراسلي القنوات يعرفونها. بينما ترك المراسلون مُخرجاً بحجم توفيق صالح لأنهم لم يعرفوا من هو. وحين سأل أحدهم: «مين الراجل أبو شعر أبيض ده»، وعرف اسمه، طرح سؤالاً آخر: «هل هو مهم؟». كأن هؤلاء لم يسمعوا عن توفيق صالح أو حتى لم يشاهدوا فيلم «إسكندرية كمان وكمان» لشاهين، وقد ظهر فيه صالح بشخصيته الحقيقية. وسط كل ذلك، كان الحديث مع نادية لطفي وحسين فهمي وغيرهما، صادقاً، استعادوا فيه لحظات استثنائية جمعتهم بجو.

محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

جنازته اليوم ... وبعده «الشارع لمين»؟




من الاسكندرية وإليها يعود. هكذا، اختصرت وفاة يوسف شاهين رحلته الطويلة التي بدأت من الاسكندرية قبل 82 عاماً ويعود إليها بعد الصلاة عن راحة نفسه ظهر اليوم في كاتدرائية «القيامة» للروم الكاثوليك في الظاهر في القاهرة. ثم يوارى جثمانه في الثرى في مقابر العائلة في الاسكندرية. وتلقى محبّو شاهين وجمهوره بارتياح نبأ جنازته في منطقة قاهريّة عريقة، بعدما خشى بعضهم من «جنازة رسمية» تُبعد عنه البسطاء والناس الذين خاطبهم طوال حياته. إذ إنّ شبح ما حدث في جنازة نجيب محفوظ الذي عُزل جثمانه عن الناس من أجل المراسم العسكرية ظهر جلياً بعد إعلان وفاة جو.لكن شاهين لم يخيّب أمل أصدقائه وتلاميذه ومحبّيه. وحتى في وفاته الهادئة، لم يشأ أن يزعجهم بالرحيل في فرنسا فعاد إلى مصر، ليقيم في مستشفى القوات المسلحة على نيل المعادي قرابة عشرة أيام قبل أن يعلن التلفزيون المصري صباح أمس وفاته. وفي وقت لاحق من عصر أمس، عقد أحمد عبد الحليم مدير المستشفى مؤتمراً صحافياً سريعاً، أكد فيه أن شاهين توفي بعد هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى توقف التنفس، ولم يكن هناك من إمكان لأيّ تدخل طبي لإنعاش القلب، بسبب ما حدث للمخ من آثار سلبية عقب النزف الذي داهمه قبل ستة أسابيع والعملية الجراحية التي خضع لها في فرنسا. ورفض عبد الحليم التصريح بما يخصّ تفاصيل الجنازة. في الوقت عينه، أدى التأثر البالغ برحيل الخال إلى عصبية في ردود ماريان وغابي خوري على الصحافيين. إذ طالبا بالرجوع إلى شركة «أفلام مصر العالمية» حيث كان موظفو قسم الإنتاج يوفّرون المعلومات المتعلقة بمكان القدّاس والدفن. وحتى الآن، ليس مؤكداً مكان العزاء وتوقيته، وإن كانت المؤشرات تؤكد أنّه سيكون مساء غد لتتاح الفرصة لمن لم ينجحوا في حضور القداس اليوم الاثنين، وخصوصاً أن شاهين ــــ خلال مشوار عمره ستون سنة ـــ شهد ولادة عشرات الفنانين، وساهم في اكتشاف عدد كبير من الممثلين المصريين والعرب. لهذا ترددت الأسئلة طوال أمس عن مدى قدرة عمر الشريف على حضور الجنازة أو العزاء، وهو المشغول بتصوير فيلم أميركي في أوروبا. الأسئلة نفسها طالت زملاء البدايات: فاتن حمامة وأحمد رمزي... وصولاً إلى الجيل الجديد. فمنهم من أكّد حضوره بالطبع مثل خالد النبوي وخالد صالح، فيما ليس مؤكداً إن كانت لطيفة مثلاً ستقطع رحلتها الفنية وتشارك في جنازة الأستاذ الذي قدمها كممثلة لأول مرّة (الوحيدة حتّى الآن) في «سكوت هنصوّر». أسماء أخرى مثل لبلبة وهالة فاخر وهالة صدقي ومنّة شلبي وحنان ترك سينتظرهنّ المصوّرون على باب الكنيسة اليوم، إلى جانب قائمة شاهين التي شاركته رحلته الطويلة، وفي مقدّمهم الفنانة رجاء حسين وزوجها سيف عبد الرحمن والمطرب محمد منير الذي ظهر مع شاهين في فيلمي «اليوم السادس» و«حدّوتة مصرية»... الأغنية الأبرز في مشوار «يوسف شاهين» السينمائي والتي تستعين بها القنوات الفضائية حالياً في البرامج التي تودع صاحب «الأرض».وينتظر شاهين نفسه حضور الممثل المعتزل محسن محيي الدين الذي غاب عن الأضواء منذ عشرين عاماً. لكن شاهين لم ينس أبداً «عبقرية» الممثل الشاب الذي قدّمه في «الوداع يا بونابرت» و«اليوم السادس» و«اسكندرية ليه» قبل أن يختار محيي الدين التديّن والاعتزال. لكن شاهين تمنّى أن يسير تلميذه السابق في جنازته، فهل يلبّي محسن محيي الدين اليوم أمنية أستاذه؟ وقد امتنع خالد يوسف، التلميذ المقرّب من شاهين في سنواته الـ15 الأخيرة، عن الرد على هاتفه بعد إعلان الخبر.رد الفعل الفضائي على رحيل شاهين، أمس، لم يكن على مستوى الحدث. الفضائية المصرية اكتفت ببث الخبر في الشريط الإخباري، فيما أعادت «النيل للدراما» عرض برامج وثائقية عن الراحل، وهو ما كررته فضائيات «الحياة» و«دريم» وotv. أما أولى ردود الأفعال على المستوى الدولي، فجاءت من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي وجّه تحية تقدير إلى المخرج الكبير، واصفاً إياه بأنّه «مدافع كبير عن حرية التعبير وبشكل أوسع عن الحريات الفردية والجماعية». بينما احتل نبأ وفاة جو مواقع الصحف الفرنسية على الإنترنت، مثل «لوموند» و«ليبيراسيون».لكنّ صاحب النصيب الأكبر من الخسارة مع رحيل شاهين سيكون فيلم «الشارع لمين» الذي كان يعدّ شاهين لإخراجه قبل أن يصاب بالنكسات الصحّية المتتالية منذ العام الماضي، «الشارع لمين» اسم فيلم لن يجد مخرجاً بشجاعة شاهين ليقدمه على الشاشة الكبيرة. هكذا، تركنا جو لنتساءل: بعده «الشارع لمين»؟




محمد عبد الرحمن


جريدة الأخبار اللبنانية

الخميس، 17 يوليو 2008

ما هو التطبيع ؟


محمد حماقي اعتذر عن عدم الغناء في أريحا، وشركات الإنتاج نفت عنها شبهات التطبيع، فيما لاحقت التهمة مهرجان «الأردن» لأسابيع... لماذا عادت هذه القضية إلى الواجهة؟ وأيُّ دور يؤدّيه «البزنس» وسط كلِّ ذلك؟

واجه مهرجان «الأردن» حملةً شرسة بسبب شبهة التعامل مع شركة إسرائيلية، فيما خرج لينين الرملي من لجنة تحكيم «مهرجان المسرح المصري» بعد اتهامه بالتطبيع، وتراجع محمد حماقي عن الغناء في أريحا... وقبله، تم تحويل عمرو واكد إلى التحقيق بسبب مشاركته الممثل الإسرائيلي يغال ناؤور التمثيل في وثائقي «بين النهرين» عن صدام حسين.
وسط كل ذلك، يبقى السؤال: هل حقاً انتصر أعداء التطبيع في معركتهم؟ أم أن هناك من نجح في تحويل مسار القضية، ليختفي سؤال «كيف نتعامل مع المطبّعين؟» ونعود إلى نقطة الصفر مع «ما هو التطبيع»؟
المتابع للحركة الفنية في مصر أخيراً يلحظ اهتمام الوسطين الفني والصحافي بقضية التطبيع بشكل غير مسبوق، حتى في أكثر الفترات هدوءاً بين العرب وإسرائيل. ربما يعود ذلك في المقام الأول إلى طول فترة الصراع ( 60 عاماً) التي جعلت بعضهم يفقد قدرته على الاستمرار في النضال ضدَّ العدو. من هنا، لم يعد علي سالم حالة استثنائية، بل هناك أصوات أخرى ذهبت أخيراً أبعد مما ذهب إليه سالم، المفصول من اتحاد كتاب مصر بعد رحلته إلى إسرائيل عام 1994: لينين الرملي مثلاً سار على الدرب نفسه. أعلن أخيراً أنه لم يعد هناك مجال للعداء مع تل أبيب، أقله على مستوى الثقافة. وفاجأ الجميع بدعوته الملحق الثقافي في السفارة الإسرائيلية في القاهرة إلى حضور عرض «اخلعوا الأقنعة». أما رد الفعل، فاقتصر على استبعاده من لجنة تحكيم المهرجان القومي للمسرح المصري الذي يختتم اليوم دورته الثالثة. إذ استبدل بفتحية العسال، الكاتبة اليسارية المعادية طبعاً لإسرائيل.
سبب آخر أعاد قضية التطبيع إلى واجهة المشهد الفني والثقافي: قضية وزير الثقافة فاروق حسني، المرشح لمنصب المدير العام لمنظمة التربية والثقافة والعلوم «الأونيسكو» الذي تختاره الدول الأعضاء في العام المقبل. حسني الذي صرّح قبل أشهر بأنه «إذا وجد كتباً إسرائيلية في معرض الكتاب في الإسكندرية فسيحرقها بنفسه»، سرعان ما تراجع عن قراره. فأشار إلى أنّه مستعد لزيارة إسرائيل إذا قررت تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط، مع تكرار عبارات حفظها الناس عن عدم إمكان تجاهل اتفاق السلام مع إسرائيل، على رغم موقف الشعب المصري من ذلك. والقصة لم تنته هنا، ذلك أن الوزير أعطى حواراً أخيراً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، ما أثار ردود فعل مثقّفين مصريّين، عدّوا موقفه في بيان لهم «خضوعاً ذليلاً للابتزاز الإسرائيلي من أجل مصلحة شخصية للوزير».
ما سبق من أسباب يختلف تماماً عمّا هو آت، فعندما يدخل «البزنس» على الخط يتحول «التطبيع» إلى «تزبيط»، كما سخر عادل إمام من المصطلح في فيلم «السفارة في العمارة». الصحيفة اليومية «البديل»، المحسوبة على اليسار، رصدت ظاهرة تطبيع شركات الإنتاج الموسيقية الكبرى مثل «روتانا» و«ميلودي» و«عالم الفن» مع شركات تعمل داخل إسرائيل. الخبر ليس جديداً، مجلّة «روتانا» نفسها نشرت قبل 8 شهور مقالةً، تتهم فيه «ميلودي» بالتعامل مع إسرائيل. على رغم أنّ جميع العاملين في السوق الموسيقية يعرفون أنّ شركات الإنتاج الكبرى اختلفت على كل شيء، واتفقت على عدم إهدار حقوقها داخل إسرائيل.
وأشارت الحملة التي نشرتها «البديل» على مدى خمسة أيام متتالية، أن للشركات الثلاث وكلاء رسميين في إسرائيل مهمتهم حماية إنتاج «روتانا» و«ميلودي» و«عالم الفن» من القرصنة، وأن المستندات تثبت أن التعامل ليس مع عرب 48، بل مع مكاتب المحامين التي تقع في تل أبيب. كما أن توقيعاتهم العقود تكون بالحروف العبرية، حتى لو كانت أسماؤهم عربية في الأغلب. ومضت الجريدة لتؤكد أن الأمير الوليد بن طلال يسعى إلى توسيع استثماراته العقارية والسياحية داخل إسرائيل، وأن الأمر لم يتوقف عند حدود التعاون الفني، فيما نفت شركة المملكة القابضة (التابعة للوليد) ذلك، رداً على تقرير نشرته «إيديعوت أحرونوت». وفي كل الأحوال، تبقى أغاني نجوم «روتانا» و«عالم الفن» و«ميلودي» متاحة بشكل قانوني لشركات المحمول ومواقع الإنترنت الإسرائيلية، ويستفيد منها اليهود والعرب على حد سواء.
كل ما سبق يؤكد أن هناك جهوداً مكثّفة وغير مسبوقة لكسر الجدار العازل بين العرب ـــــ خارج الأرض المحتلة ـــــ وإسرائيل، وأن أصحاب تلك الحملة استفادوا من كل التجارب السابقة، بعد دحر المطبّعين الأوائل. وأصبح الأهم بالنسبة إليهم نسف مفهوم «التطبيع» نفسه والعمل على إزالته من أذهان الأجيال الجديدة التي لم تشهد أي حرب، وقد أبصرت النور بعد توقيع اتفاقية السلام.


محمد عبد الرحمن


جريدة الأخبار اللبنانية

الخميس، 10 يوليو 2008

أبونا عادل إمام... محامي وحدة مصر!


اللي في القلب في القلب يا كنيسة» يتمتم القسّ قبل أن يهتف مع الشيخ «يحيا الهلال مع الصليب». في «حسن ومرقص»، يسلِّط عادل إمام وعمر الشريف الضوء على الفتنة الطائفية، من دون اتخاذ موقف منها على قاعدة «نقلنا لكم ما يحدث في الشارع... والباقي عليكم»
أكثر المَشاهد التي أعجبت الجمهور في العرض الأول لفيلم «حسن ومرقص» لعادل إمام وعمر الشريف، كانت تلك التي يتحدث فيها «بعض» الأقباط عن المسلمين بشكل سيء، أو تلك التي ينتقد فيها المسلمون البعيدون عن المواطنة والتسامح، المساواة بين عنصري الأمة. وإعجاب الجمهور ناتجٌ من كون الجمل التي ردّدها الممثلون، يتناقلها الناس كل يوم في الشارع المصري. ذلك أن هناك فئة من المسلمين ترى أن المسيحيين قد نالوا حقوقهم كاملة، وأنه لا يوجد أي «متسوّل مسيحي» على حد قول أحد الشيوخ في الدقائق الأولى للشريط. فيما يردُّ قسيس في المشهد التالي بأن صعوبات إصلاح حمامات الكنائس ـــــ لا بنائها حتّى ـــــ تؤكد أن نظرة الدولة إلى المسيحيين لم تتغير. وعلى رغم الكلام المستمر عن الوحدة الوطنية، يبقى «اللي في القلب في القلب يا كنيسة» كما قال الممثل الذي أدى دور القسيس. وفي المشهد الذي يليه، يقفُ الشيخ مع القسيس في مؤتمر الوحدة الوطنية، ويهتفان: «يحيا الهلال مع الصليب»... باختصار، أراد «حسن ومرقص» أن يضيء على أزمة تعايش يجب الاعتراف بها علناً، وأن مصر أيام نجيب الريحاني وبديع خيري اللذين عملا معاً لثلاثين عاماً، من دون أن يعرف الأول أن الثاني مسلم... لم تعد كما كانت. بالتالي، لا يمكن التعامل مع حوادث الفتنة الطائفية التي كثرت أخيراً، على اعتبارها وقائع عابرة.غير أن الفيلم الذي أعطى هامشاً واسعاً للكوميديا لم يقدّم أي حلول، كما استبعد دور الشرطة تماماً. إذ أدّى عزت أبو عوف دور رجل الأمن بشكل هزلي للغاية، وبدا واضحاً أن صانعي الشريط تفادوا دخول المناطق الشائكة حتى يمرّ المشروع بسلام. تماماً كما فعل عادل إمام مع مؤلف «حسن ومرقص» يوسف معاطي يوم قدّما «السفارة في العمارة». إذ لم يخرج الفيلم وقتها ليدين إسرائيل، إلا في المشهد الأخير بعد استشهاد طفل صغير. وقد ظل البطل آنذاك يسخر من المطبّعين ومن أعداء التطبيع، من دون تقديم موقف محدد. في «حسن ومرقص» أيضاً، أظهر الشريط كيف يتعامل المتشددون المسلمون بحذر مع أي مسيحي، وكيف يغضب المسيحي من صديقه إذا وافق على إسكان رجل مسلم معه في العقار. وفيما اندلعت الفتنة على الشاشة مرتين، انتهى الفيلم والأسرتان المسيحية والمسلمة تحاولان الصمود داخل معركة بين المسيحيّين والمسلمين حدثت فعلاً في الإسكندرية، ولكن من دون أن يتدخل أحد لإنهاء الصراع الدموي. وكأن عادل إمام وعمر الشريف يقولان للناس هذا ما تقرأون عنه في الصحف... نقلناه لكم على الشاشة والباقي عليكم.ومع ذلك، حرص الشريط على التأكيد أن التعصب موجود داخل كل إنسان، حتى عند أكثر الأبطال تسامحاً: القس بولس والشيخ محمود. فعندما عرف البطلان الحقيقة في الدقائق الخمس الأخيرة، تبدلت النيّات قبل أن يندلع حريق يوحّد العائلتين مرة أخرى، بعيداً من الأديان. وهذا التعصب سيحدد مدى تقبل الجمهور للفيلم، فهناك من ضحك من قلبه على المواقف الكوميدية التي نتجت من دخول المسيحي للمسجد والمسلم للكنيسة بعد التنكر وإخفاء شخصيتيهما الحقيقيّتين. وهناك من رأى تطاولاً في أن يجلس عادل إمام متنكراً في زي شيخ مسلم ليرد على فتاوى البسطاء، أو يضطر عمر الشريف إلى تمثيل ترديده التراتيل أمام القساوسة.وبعيداً من المضمون الشائك لـ «حسن ومرقص»، يظل الفيلم الذي يروي قصة هروب شيخ ولاهوتي من متشددين أقباط ومسلمين، حالة خاصة في إنتاجات السينما المصرية لعام 2008: هو الأول الذي يتعرض مباشرة للوحدة الوطنية، والأول الذي يجمع عادل إمام وعمر الشريف، والأول الذي يظهر فيه الممثل الكوميدي الشهير في دور رجل مسيحي. وقد وصل الأمر ببعضهم إلى انتقاده على ذلك على موقع «فايس بوك» بدعوى الترويج للديانة المسيحية. لكن رسالة الفيلم أجهضت ــــ من جانب هؤلاء ـــــ قبل أن يعرض.الجديد أيضاً توزيع سيناريو الفيلم على النجوم والصحافيين قبل العرض الخاص الذي أقيم الخميس الماضي في دار الأوبرا. وقد اعتذر عمر الشريف عن الحضور، لانشغاله في التشيك. فيما أعلنت الشركة المنتجة «غود نيوز غروب» عن طبع 100 نسخة ليكون أكثر الأفلام انتشاراً في موسم الصيف حتى الآن.وقد أدى توزيع السيناريو على الصحافيين إلى كشف ما جرى حذفه من مشاهد، إن كان من جانب الرقابة أو من جانب أسرة الفيلم. ومن أبرز المشاهد التي حُذفت: مشهدٌ بين محمد إمام وشيري عادل يتحدثان فيه عن نيتهما الذهاب إلى السينما، ويرشح الشاب فيلم «حين ميسرة»، شارحاً لها عن المشاهد الحميمة التي جمعت بين غادة عبد الرازق وسمية الخشاب، قائلاً: «الفيلم جامد جامد... وسمية مبدعة في الفيلم... لابسة بدلة رقص حكاية». لكن البطلين، في الصيغة النهائية، ذهبا لمشاهدة فيلم أجنبي رومانسي.كما حُذف مشهد، يحاول فيه الضابط ضياء عبد الخالق تهدئة أهالي «المنيا» الثائرين بسبب اختفاء عادل إمام، ويُظهر المشهد عدم ثقة الناس بكلام الضابط. كذلك حُذف المشهد 121 كاملاً، وهو عبارة عن حوار بين عادل إمام وعمر الشريف. وفيه يقول بولس (عادل إمام) لعمر الشريف: «ده أنت كافر في اللعب»! ثم يتواصل الحديث عن رؤية المصريين للدين، وكيف أنه من المفروض أن يكون «الدين المعاملة... مش صلاة وصوم بس». وبين المشاهد التي اختفت على الشاشة أيضاً، مشهد التظاهرة التي يسير فيها المسيحي والمسلم رافعَين لافتة «الدين لله والوطن للجميع». علماً أن مشهد الافتتاح أيضاً حُذف، وكان عبارة عن رجلين مسيحي ومسلم يأكلان على عربة فول.يذكر أخيراً أن «حسن ومرقص» الذي وقّعه المخرج رامي إمام، سيعيش المنافسة وحيداً أسبوعاً كاملاً قبل أن تستقبل دور العروض المصرية الأسبوع المقبل فيلم «حلم العمر» لحمادة هلال. وهناك أيضاً فيلم «آسف على الإزعاج» لنجم العامين الأخيرين أحمد حلمي... فهل يصمد شريط الوحدة أمام ضحكات حلمي التي تحولت إلى ماركة مسجلة؟ أم يقبل المصريون على الكوميديا الخالصة، تاركين شبح الفتنة الطائفية يهدد الوحدة، إنما خارج صالات العرض؟
محمد عبد الرحمن
جريدة الأخبار اللبنانية

الثلاثاء، 8 يوليو 2008

كل الحق على السعودية!


لم يكن ردّ فعل شركة «الباتروس»، أبرز شركات الإنتاج السينمائي في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، متوقعاً حيال مقالة نشرت عن نشاطاتها في صحيفة «صوت الأمة» المحلية. إذ قررت الشركة التي أنتجت 18 فيلماً في وقت قياسي، بينها الأفلام الأربعة الأخيرة لخالد يوسف، مقاضاة الصحيفة. وذلك، بعدما نشر الصحافي عبد الحميد العش سلسلة مقالات، اتّهَم فيها مالك الشركة كامل أبو علي ببيع السينما المصرية مباشرةً إلى السعوديين، ممثلين بشركة «روتانا». وكشف العش في مقالاته أن تصريحات أبو علي ـــــ وهو رجل أعمال متخصص في مجال السياحة ـــــ عن إنعاش السينما المصرية عبر أعمال «الباتروس» والتعاون الوشيك بينها وبين نجيب ساويرس، هي نشاط يستفيد منه الوليد بن طلال في المقام الأول، على اعتبار أن «الباتروس» وشركاءها يبيعون «نيغاتيف» الأفلام مباشرة لـ«روتانا»، حتى قبل طرحها في صالات العرض.وعلى رغم أن «صوت الأمة» طلبت من أبو علي الرد فوق صفحات الجريدة، اختار الأخير القضاء للدفاع عن نفسه، وحرّك دعوى رسمية في محكمة «جنح العجوزة»، كما تقدم بشكوى إلى المجلس الأعلى للصحافة للتحقيق مع المسؤولين في الجريدة، وخصوصاً أن المقال الثاني في الصحيفة، جاء بعنوان «أبو علي الرجل الذي باع تراث مصر». والمعروف أن الصحف المصرية تناقش منذ حوالى عشر سنوات، ومن دون جدوى، قضية بيع «نيغاتيف» الأفلام المصرية إلى شركات خليجية. وكان المتعارف عليه طوال القرن العشرين أن شركات الإنتاج تبيع حقوق العرض فقط للفضائيات أو التلفزيون الأرضي، لكن سطوة رأس المال الخليجي دفعت بالمنتجين، في غياب الدور الرسمي، إلى بيع الأفلام بالكامل، بمعنى أن المنتج يبيع النسخة الأصلية بعد انتهاء تصوير الفيلم بسعر يقال إنه يبدأ من مليون دولار مع نجوم الصف الثاني، ويزيد كلما زاد عدد النجوم. بالتالي، يصبح للشركات المالكة الحق في حذف ما تشاء من تلك الأفلام ومنع عرضها إذا أرادت. وكل ذلك من دون أن يكون لأبطالها وصانعيها أي حق في الاعتراض، ما انعكس سلباً على التلفزيون المصري والقنوات الخاصة التي باتت تشتري حالياً الأفلام المصرية من «روتانا» وart السعوديتين!

محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

رمضان 2008... يُراهن على السينما


حين ينزح نجوم الشاشة الكبيرة دفعةً واحدة إلى التلفزيون، ويقرر المنتجون منافسة الأفلام السينمائية عبر الدراما... تكون النتيجة: تبدّلاً في ظروف التصوير، خلافات في الكواليس، ومشاهد صعبة تعرّض حياة النجوم للخطر.


مع دخول عدد من نجوم السينما حلبة المنافسة الرمضانية، تشهد كواليس تصوير أبرز المسلسلات المصرية هذا الموسم، سلسلة من الخلافات. قد يعود ذلك إلى تأخر انطلاق التصوير، أو عدم تكيّف نجوم السينما مع شروط اللعبة التلفزيونية. وإذا كان كتّاب الدراما قد راهنوا هذا العام على طرح موضوعات جريئة، تخرج من عباءة القصص الاجتماعية التقليدية، وتُنافس جرأة أفلام السينما... فإن المخرجين أيضاً فرضوا شروطاً جديدة في التصوير. وكل الجهود تصب اليوم على تذليل العقبات وإنهاء التصوير باكراً، حتى لا يخرج أحد المسلسلات من السباق، كما حدث مع «وكالة عطية» بسبب مرض المخرج رأفت الميهي.والبداية مع مسلسل «طريق الخوف» لغادة عبد الرازق ومجدي كامل. إذ دخل فريق الإنتاج والمخرج عادل الأعصر في خلاف مع بطلي العمل بسبب انشغال الأولى بمشروعاتها السينمائية، بداية من «ليلة البيبي دول» وصولاً إلى فيلم «7 ديسمبر» الذي يجري تصويره حالياً، ثم جاء اختيار مجدي كامل لتجسيد شخصية جمال عبد الناصر في مسلسل «ناصر» ليزيد من أزمة «طريق الخوف». وحتى الآن، لم ينته العمل من المسلسل، على رغم مرور أربعة أشهر كاملة على انطلاق تصويره.الخلافات وصلت أيضاً إلى «بعد الفراق» مع خالد صالح وهند صبري في أول بطولة تلفزيونية لها. ذلك أن التصوير توقف لفترة بسبب وفاة والدة المخرجة شيرين عادل. لكن عودتها إلى الاستديو تزامنت مع انطلاق شائعات عن خلاف بين بطلي العمل، بسبب زيادة مساحة دور خالد صالح، وظهوره في وسائل الإعلام كالنجم الأوحد للعمل. وتدور القصة حول شاب وفتاة تربطهما علاقة حب أيام الفقر، وفيما تتبدل ظروف الشاب ويصبح صحافياً لامعاً، تظل الفتاة تعمل خادمة في المنازل. وكان صالح وصبري قد ظهرا كثنائي مميز في فيلم «أحلى أوقات». وكما هي العادة في مسلسلات فيفي عبده، لا تمرّ فترة التصوير من دون خلافات بين الأبطال أو بين البطلة والمخرج. والجديد مع «قمر» هو تهديد المخرج هاني إسماعيل بالانسحاب بسبب تدخل فيفي في جميع التفاصيل. ثم عاد هاني إسماعيل ليؤكد تراجعه عن الانسحاب، مشيراً إلى أنه مستمرٌّ في التصوير بعد تذليل جميع العقبات. وكانت عبده وضعت اسمها على «جنيريك» العمل كمؤلفة للقصة، ما دفع بالسيناريست عزت آدم إلى مهاجمتها في الصحف.ومن فيفي عبده إلى يسرا. يردد عاملون في مسلسل «في إيد أمينة»، أن ساعات التصوير المكثفة بغية اللحاق برمضان، زادت من عصبية الأبطال، وخصوصاً يسرا التي طالبت بإجراء بعض التعديلات المفاجئة، ما أغضب المخرج محمد عزيزية. لكن المنتج جمال العدل استوعب الموقف، وحاول تهدئة الخواطر حتى يضمن انتهاء تصوير العمل في أسرع وقت، لا سيما أن تصوير «في إيد أمينة» بدأ متأخراً، وتم تسويقه حتى الآن إلى قناتي «دبي» و»دريم». ويدور العمل حول مغامرات الصحافية أمينة التي تواجه عصابة لبيع الأطفال، وتعمل في أكثر من دولة عربية. والمسلسل مستوحى من قصة حقيقية عاشها المصور الصحافي عادل مبارز نهاية سبيعينيات القرن الماضي.أما مسلسل «عدى النهار»، فقد ضرب الرقم القياسي بعد الخلافات التي شهدتها الكواليس، وانتقلت إلى صفحات الجرائد، وخصوصاً خلافات نيكول سابا ورزان مغربي. كما أشار بعضهم إلى نشوء خلافات بين صلاح السعدني والمؤلف محمد صفاء عامر بسبب إضفاء بعض التعديلات على النص. لكن العلاقة القديمة بين الطرفين ووساطة المخرج إسماعيل عبد الحافظ ساعدتا على إنهاء الأزمة سريعاً.وكان أبطال مسلسل «الفنار» قد دخلوا في خلاف مع المخرج خالد بهجت بسبب إصراره على التصوير من دون الاستعانة بممثل بديل، بغية منافسة الأفلام السينمائية وما تفرضه من شروط تصويرية عالية الجودة. وهو ما أسفر عن إصابات عدة بين فريق العمل، فالبداية كانت مع أحمد راتب وطارق لطفي، إذ قفز الاثنان في الماء لتنفيذ أحد المشاهد، وكادا يغرقان لو لم يسارع غفر السواحل إلى إنقاذهما. وخلال تصوير مشهد آخر يتعلق بتفجير خط بارليف، استخدم المخرج مفرقعات أصابت صابرين فى قدمها ودفعتها إلى ملازمة الفراش لمدة أربعة أيام، فيما أصيب ياسر جلال بتمزق في قدمه أثناء تصوير مشهد عن الانتخابات. كما أقدمت صابرين، خلال التصوير أيضاً، على صفع الممثلتين ايمى وياسمين جمال، ما أدى إلى تورم في وجهيهما.ومن «الفنار» إلى «الهاربة» الذي يجري تصويره حالياً في أميركا. إذ تعرضت تيسير فهمي إلى حادثتين أثناء تصوير بعض مشاهد «الأكشن»، ولازمت بسببهما الفراش. أما الممثلة عبير صبري التي تؤدي دور ضابطة فى المباحث الفدرالية، فقد تعرضت إلى تمزّق في عضلات ظهرها، بعدما أدت إحدى حركات «الأكشن» بطريقة خاطئة، على رغم أنها تدربت جيداً على ذلك تحت إشراف مدربين محترفين».ومسلسل «قلب ميت» كان الأقل خطورة على الأبطال المشاركين. إذ سمح المخرج مجدي أبو عميرة باستخدام «دوبلير» لتأدية مشاهد المطاردات، عوضاً عن الممثلين الأصليين. وقد أدى ممثلٌ بديل من جنوب أفريقيا المشاهد الخاصة بشريف منير. كما استعان المخرج بـ«دوبلير» مصري، ليقدم مشاهد خطرة، عرّضته إلى إصابات بالغة.بعد كل ذلك، يبقى السؤال: هل توفر كل الأجواء الساخنة في كواليس لمسلسلات رمضان، عنصراً لجذب اهتمام الجمهور طيلة ثلاثين يوماً؟.

محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية

الاثنين، 7 يوليو 2008

«السادات» يثيرُ غضب المصريين


لم يعد فقط شارع «خالد الإسلامبولي» أحد أبرز العوائق التي تحول دون عودة العلاقات السياسية بين مصر وإيران. تلك العلاقات المقطوعة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وموافقة الرئيس الراحل أنور السادات على إعطاء شاه إيران حق اللجوء السياسي... فاليوم، يعيد الشريط الوثائقي، «34 طلقة للفرعون» ـــــ وقد سمّته الصحف المصرية «إعدام الفرعون»ـــــ العملية إلى المربع الرقم صفر.بدأت الأزمة بعد انتشار خبر يؤكد أن مجموعة تحمل اسم «لجنة تمجيد شهداء الحركة الإسلامية العالمية» أطلقت فيلماً وثائقياً يؤرّخ لعملية اغتيال السادات على يد خالد الإسلامبولي. كما يشير الخبر إلى أنّ الفيلم يدعم موقف الإسلامبولي آنذاك في أن السادات «خائن ويستحق القتل» بسبب توقيعه اتفاقية «كامب ديفيد». يحدث ذلك بينما خلفاء الإسلامبولي في جماعة الجهاد الإسلامي، أعلنوا قبل سنوات قليلة تراجعهم عن فتوى اغتيال السادات، مؤكدين عدم صحتها. وقد أشاروا إلى أن الخلاف في قضية السلام مع إسرائيل، لا يبرر اغتياله. إذاً، يأتي الفيلم الذي لم يشاهده أحد حتى الآن في الوطن العربي، ليعيد الزمن إلى الوراء 27 عاماً، ويجمد الصورة عند لحظة اغتيال السادات في طريق النصر يوم الاحتفال بالذكرى الثامنة لانتصار أكتوبر. من هنا، كان ردّ الفعل الرسمي والعائلي متوقعاً، فالحملة المضادة ليست بحاجة لمشاهدة الفيلم أو القراءة عنه أكثر مما نشر عن تكريسه لاتهام السادات بالخيانة. أضف إلى ذلك أن العلاقات مع إيران تسمح للصحف القومية، وخصوصاً «الجمهورية» و«روز اليوسف» بإعادة فتح ملفات «الجار الفارسي الذي يهدد الوجود العربي ربما أكثر من إسرائيل»، كما يقول بعض الذين يتبنون هذا الاتجاه. رئيس تحرير «الجمهورية» محمد علي إبراهيم كتب مقالاً هجومياً بعنوان «جليطة إيرانية فجة»، فيما أشارت «روز اليوسف» إلى «وقاحة إيرانية جديدة فى حق مصر». أما أسرة السادات فهددت بمقاضاة منتجي الفيلم، ونقيب السينمائيين ممدوح الليثي وصف الفيلم بقلّة الأدب. فيما طالب السيناريست وحيد حامد بالرد عليه بعمل فني، لا بتصريحات عنترية غاضبة... ووسط كل ذلك، لم ينتبه أحد إلى تصريحات مسؤول إيراني لجريدة «الشرق الأوسط»، يؤكد فيها أنّ الحكومة الإيرانية ليست مسؤولة عن الفيلم ولم تموله، وأنها متمسكة بالتهدئة مع مصر. بالتالي، فإن «34 طلقة للفرعون» هو من إنتاج أفراد. ومع غياب العلاقات أساساً بين البلدين، قد لا تسجل مصر احتجاجاً رسمياً على الفيلم، لتبقى المعركة في إطار التراشقات الإعلامية التي لا تحلُّ أزمات ولا تقدم رداً موضوعياً.

محمد عبد الرحمن

جريدة الأخبار اللبنانية