السبت، 12 ديسمبر 2020

محمد عبد الرحمن يكتب : دروس وحيد حامد السبعة

نقلا عن مجلة صباح الخير

 

صحيح أن كثيرين يطلقون عليها دورة كورونا، لكن بعد زوال الفيروس وانتهاء أيامه الصعبة، أتوقع أن يتغير هذا الوصف في ذاكرة من حضروها، لتصبح دورة وحيد حامد، السينارست الكبير أضاف تكريمه الكثير للدورة الثانية والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي والذي اختتم فعالياته يوم الخميس الماضي، كتاب مهم عنه أصدره المهرجان بقلم الناقد المخضرم طارق الشناوي، وندوة حاشدة حضرها رقم قياسي من النجوم أكدت قيمة الرجل وفخامة الحدث، ومن خلالها أطلق السينارست الذي اعتاد اللعب مع الكبار دروسا في المهنة والحياة يمكن تلخيصها في الفقرات المقبلة.

 

الدرس الأول

أقسم صاحب "النوم في العسل"  أنه لم يتبني أي قضية إلا وكان مقتنعا بها سواء كان محقا أو مخطئا، السينارست الكبير يؤكد هنا أن الإنسان عموما والمفكر خصوصا قد يتبني أفكارا خاطئة ويتراجع عنها لاحقا لكنه وقت تبنيها يجب أن يكون مقتنعا وغير متأثر بالأخرين أو باحثا عن مكسب، ما يفسر لماذا عاشت أفلامه كل هذه السنوات ولماذا اعتبره المراقبون أكثر من تبنأ بقضايا ومواقف بعينها تحققت بعد ذلك على أرض الواقع.

الدرس الثاني  

قال مؤلف "الجماعة" أنه جدد شبابه الفني بالعمل مع المخرجين الجدد، في نصيحة لكل من يريد أن يتجدد باستمرار بعدم الثقة في قدراته الشخصية بل في تكوين فريق عمل متجدد والتعامل مع أفكار الآخرين خصوصا الموهوبين منهم، حامد تعامل مع شباب المخرجين واعطاهم الثقة لكن بعدما تأكد من أنهم موهوبون فعلا، ولنا في أسماء مثل محمد ياسين وتامر محسن دليلا قويا على مدى صحة هذا الدرس.

الدرس الثالث

أرى السيناريوهات على مكتب ابني مروان ولا أفكر في الاقتراب منها أو أفرض عليه رأيي، بل أتابع نجاحاته من كلام الناس على أفلامه، هنا الدرس من الأب وليس فقط السينارست، كونك فنان ومبدع كبير لا يعني أن تفرض أسلوبك على ابنك وتختار وتقرر له، درس يفسر لماذا حقق مروان حامد نجاحا كبيرا في مجاله دون أن يجرؤ أحدهم على اتهامه بأنه استعان بنفوذ الأب واسمه، بل أن حامد تحديدا لم يتعامل مع ابنه كمخرج إلا مرة واحدة في "عمارة يعقوبيان" .



الدرس الرابع

الفنان الحقيقي يستطيع تخطى عقبات الرقابة، هكذا كشف صاحب "البرئ" عن سر المهنة أو بمعنى أدق شفرة التعامل مع الرقابة، كيف تصيب الهدف بشكل غير مباشر فيفهمك الناس ويضع الرقيب مقصه في الدرج، كان يكتب مشاهد زائدة يعلم أنها ستزعج الرقيب ليتنازل عنها لاحقا من أجل تمرير مشاهد أخرى، غير أن جمل الحوار غير المبتذلة، والكلام المناسب لكل شخصية كان أيضا من العوامل المساعدة لتفادي مشكلات عديدة مع الرقابة فقط لأن الرؤية الفنية للسينارست تصل بالفكرة دون المباشرة التي تزعج حامل المقص.

الدرس الخامس

يوسف إدريس نصحه بأن يترك القصة القصيرة ويتجه للدراما، فبدأ من الإذاعة، وطوال المشوار كان الدعم من شخصيات مثل محمود مرسي ورأفت الميهي وغيرهم الكثير دليل على أن الكبير لا ينمو إلا بمساعدة الكبار، درس صاحب "إضحك الصورة تطلع حلوة" هناك موجه للمجتمع ككل، ولشباب الجيل الحالي، أن لا تطور إلا بدعم الكبار لكم، وأن المجتمع لن يستقيم وأجياله منفصلة عن بعضها البعض.

الدرس السادس

"الوتد" كلمة واحدة فقط كانت من نصيب الإعلامية الكبيرة زينب سويدان في الندوة التي استمرت قرابة الساعتين، كلمة واحدة لكن حامد قدم فيها درسا لكل من يظن أن الرجل العظيم يمكن أن ينجح بمفرده، وأن أهم صفات هذا "الوتد" هو التضحية وعدم انتظار الوقوف تحت الأضواء أو الظهور بجوار الزوج ثم الإبن، فقط الاستمتاع بنجاحهما على شاشات السينما وفي المهرجانات لتصل الرسالة أن وراء وحيد ومروان، زوجة عظيمة وأم أعظم. 

الدرس السابع

لن أقول الأخير، فالندوة مليئة بدروس آخرى وأدعوكم للبحث عن نسختها المرئية، يقول حامد بالحرف "كل قرش دخل بيتي وجيبي من قلمي، ولم أكسب أي شئ بجهد حقيقي"، ربما هذه الجملة تحديدا تفسر كل هذا الاحتفاء بوحيد وتوضح سبب بقاء أفلامه، هي رسالة لكل مبدع حقيقي بأن الموهبة وحدها تكفي لو كانت حقيقية وصادقة وتلمس حياة الناس ومشكلاتهم وبعدها ستأتي الأموال والمكاسب التي لا تجعل صاحبها بحاجة للدخول في حسابات معقدة، أو هكذا أخبرنا صاحب "أخر الرجال المحترمين" .

ليست هناك تعليقات: