الاثنين، 24 أغسطس 2020

يوسف شريف رزق الله.. أبانا الذي علمنا السينما

 

نشر هذا المقال لأول مرة في مجلة صباح الخير نوفمبر 2017 وتم بالفعل تكريم الأستاذ يوسف شريف رزق الله في دورة مهرجان القاهرة الأربعين نوفمبر 2018

 

الإخلاص هو كلمة السر التي يفسر الحب الجارف الذي يحاط به يوسف شريف رزق الله سواء من رفاق جيله أو من أجيال تالية تربوا سينمائيا على يديه، أخلص محب السينما العالمية رقم 1 في مصر لما أحب فجنى الثمار احتراما وتقديرا حتى من الجيل الذي ارتبط بالسينما العالمية بعيدا عن ماسبيرو وبرامج يوسف شريف رزق الله الذي علمنا من خلالها قواعد فن السينما.

 

صحيح أن الأخبار والمتابعات والتغطيات التي تواكب كل دورة جديدة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ونحن الآن على موعد مع الدورة 39 منه، صحيح أن تلك الأخبار تقدم يوسف شريف رزق الله باعتباره مديرا فنيا للمهرجان، لكن العاملين به، والمتابعين له باعتباره الفعالية الفنية الأهم في مصر، يعرفون جيدا أن مكانة يوسف شريف رزق الله أكبر من ذلك، وأن كثيرون يغفرون للمهرجان أخطاءا متكررة فقط لأن رزق الله من بين قائمة المنظمين، كما يدركون أنه ربما الوحيد الذي حافظ على درجة عطاءه للمهرجان منذ انضم له رسميا عام 2000 كواحد من فريق العمل، قبل أن يكون من الذين واكبوا الدورة الأولى وما بعدها منذ نهاية السبعينات بحكم موقعه كعراب للسينما الأجنبية في مصر والوطن العربي.

 

الحفاوة التي قوبل بها يوسف شريف رزق الله عندما ظهر مؤخرا مع "صاحبة السعادة" إسعاد يونس على قناة cbc كانت بمثابة "شكر جماعي" من ملايين تابعوه وهم صبية وشباب يحبون السينما العالمية عبر شاشات التلفزيون المصري سواء من خلال برامجه الشخصية وأقربها لقلب كاتب هذه السطور (سينما x سينما) حيث لازالت أتذكر فواصل هذا البرنامج حيث الدمية الصغيرة التي تضرب الكلاكيت لتعلن نهاية فقرة وبداية فقرة جديدة، أو من خلال البرامج التي كنا نقرأ اسمه عليها كمعد للمادة التلفزيونية مثل أوسكار لسناء منصور ونادي السينما لدرية شرف الدين.

 

في حلقة صاحبة السعادة جاءت فرصة أخيرا لأبناء الجيل الحالي لكي يعرف كيف كان يوسف شريف رزق الله يعد مواد برامجه في زمن التلفون والتلغراف، وليس الإنترنت وتوابعه من فيس بوك وواتس آب، هذه التوابع أو لنقل التسهيلات التي توفرت للجيل الحالي ومع ذلك لم ينجح معظمهم في استغلالها من أجل تقديم ثقافة سينمائية عالمية كتلك التي وفرها يوسف شريف رزق الله لجمهور التلفزيون المصري منذ سبعينيات القرن الماضي، الأمر الذي يجعل البحث عن خليفة لهذا الرجل بمثابة ضرب من ضروب الخيال، لأن كلمة السر هي المفقودة وليست الإمكانات والخبرات، الإخلاص الذي جعله يصنع أرثا لا مثيل له، ولو كانوا في ماسبيرو يهتمون بالأرقام القياسية وبدخول موسوعة جينيس لأبلغوهم عن الرجل الذي قدم هذا العدد الهائل من ساعات البث سواء كمقدم برامج أو معد للمادة التلفزيونية عن موضوع واحد هو السينما والمهرجانات العالمية.

 

الإخلاص لفن السينما جعل الكثيرون لا يعرفون يوسف شريف رزق الله إلا بهذا الوجه رغم أنه مارس مهام أخرى داخل التلفزيون وخارجه ونجح فيها جميعا بنفس الدرجة، بعد تخرجه من مدرسة الجزويت عام 1961 التحق بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية وتخرج فيها عام عام 1966 ليتحلق بالتلفزيون كمحرر ومترجم للأخبار، وبجانب برامجه التلفزيونية تولى رئاسة قناة النيل الدولية منذ عام 1997 حتى 2002 ، كذلك تولى رئاسة قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي وجهاز السينما بنفس المدينة، وترأس جمعية الفيلم بالقاهرة قرابة 20 عاما، بجانب برامجه الشهيرة، أوسكار الذي بدأ عام 1975 ونادي السينما الذي انطلق عام 1980.

 

هل يجوز أن يكرم مهرجان سينمائي أحد القائمين على إدارته؟ ، حسب المتعارف عليه الإجابة هي لا، لكن عندما نتكلم عن يوسف شريف رزق الله فإن مهرجان القاهرة هو المستفيد من تكريم رجل أخلص للمهرجان وللسينما وللتلفزيون المصري كما لم يفعل أحد آخر على مدار خمسين عاما.

مسرحية البروفة... ضحك مستمر متقطع

نشر المقال لأول مرة يناير 2020 


أخيرا شاهدت مسرحية البروفة على خشبة مسرح الهوسابير يوم الجمعة الماضي

 

النية كانت معقودة منذ شهور لكن الفرصة لم تأت إلا قبل أيام .

 

النية معقودة لأن المسرحية لنفس فريق المسرحية الكوميدية الشهيرة "1980 وإنت طالع" والتي أحدثت دويا واسعا عام 2015 حتى أن أعضاء الفرقة قرروا أن يعيش اسم المسرحية طويلا بأن أطلقوه على الفرقة نفسها، أي أن "البروفة" هي مسرحية من إنتاج فرقة " 1980 وإنت طالع" .

 

النية معقودة أيضا لأنها من تأليف محمود جمال حديني أحد أبرز الأقلام المسرحية البارعة في العقد الأخير وشاهدت له أعمالا أخرى أكدت تمكنه وأنه سيكون علامة في سوق التأليف المسرحي فيما هو قادم من سنوات.

 

أما لماذا تأخرت الفرصة فهو لأن الفرقة لاتزال بدون ممول، تعمل بالجهود الذاتية، لم تتلق عروضا للتعاون مع الجهات الرسمية، والجهات غير الرسمية لا تفضل هذا النوع من المسرحيات.


مهلا لا تظن أن عبارة "هذا النوع من المسرحيات" تعنى أننا أمام عرض عميق يصيب المتفرجين بالكأبة ويدعوهم للتأمل، العرض فعلا يدعو للتأمل في أحوالنا لكن من خلال مواقف بسيطة ونابعة من حياتنا اليومية خصوصا تلك التي يعيشها شباب هذه الأيام، مع توافر لكم هائل من الضحكات لا أريد أن أبالغ وأقول أنه يتخطى ما جاء في " 1980 وإنت طالع" وأيضا في أعمال تجارية مثل "مسرح مصر" وغيرها .

ضحك لا يتوقف منذ الدقيقة الأولى لكنه متقطع كما يشير العنوان لأن المسرحية تعرض أياما معدودات تحت ضغط حسابات المكسب والخسارة ثم تختفي أسابيع ثم تعود مرة أخرى وهكذا.


 

سأحكي فكرة العرض لكن ليطمئن من سيشاهده لا يوجد أي حرق لأن الضحك في البروفة من الصعب تلخيصه ويجب مشاهدته كما يحدث على شبكة المسرح .

 

الفكرة تبدأ من فرقة مسرحية فقيرة في الإمكانات ، تبحث عن نص جديد للعودة للجمهور، يحاول الممثلين ابتكار مشاهد لعرضها على المخرج محمد جبر والذي يظهر كما باقي الأبطال بشخصيته الحقيقية، لا يجدون أفكارا جديدا فينقلون من القديم كما يعيش مجتمعنا بالكامل منذ سنوات على إرث النوستالجيا الذي كاد ينضب، لكن الضحك يتولد من التناقضات الناتجة عن إعادة كل ما هو قديم .

يظهر المخرج فيصاب بالإحباط، لكنه يحاول اقناعهم بالبدء من جديد، من التدريبات الأولية للممثل حتى تتولد الأفكار، ومع كل تدريب ينسج أبطال الفرقة مواقف وحوارات لا يمكن أن تتعايش معها إلا وأنت تشاهد العرض كاملا، فنصوص محمود جمال وعروض محمد جبر وباقي الفريق لا تستهدف جمهور اليوتيوب في هذه الحالة كما يحدث مع فرق أخرى يتابع الجمهور مقاطع بعينها عبر الإنترنت دون أن يفهموا أصل وفصل المسرحية.

 

العرض كما اعتدنا من هذا الفريق يتحدث عن الجيل المأزوم والذي لم تتغير أزماته منذ قدموا مسرحيتهم الأولى، لكنهم لازال قادرا على مواجهة الواقع بالضحك والسخرية والتمسك بشعاع من الأمل أرجو أن لا يفقده الأبطال سواء في عرضهم المقبل أو على أرض الواقع وهم يحمون مشروعهم من التوقف كما تعاني دوما المشروعات الفنية المستقلة.

 

نأتي لآخر وأصعب فقرة، ماذا يمكن أن نكتب عن الممثلين، كلهم بالفعل جيدين، وهناك من فاجئوني بأداء فوق المعتاد، مثل الإعلامية سالي سعيد التي لم أشاهدها كثيرا كممثلة لكنها في البروقة نضجت مسرحيا إلى حد كبير، فيما كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها شريف حسني ممثلا وليس ضيفا على برامج تلفزيونية وكان من أبرز عناصر الإضحاك في هذا العرض، إلى جانب الثنائي المتفاهم المتجانس دائما، حاتم صلاح ووليد عبد الغني وكلاهما يحتاج لمزيد من الإنتشار والتسويق لأنهم بحق من أبرز مضحكي هذا الجيل ومن تابع عروض "أمين وشركاه "يعرفهما جيدا، العنصر النسائي هو الأقل عددا في العرض لكن سمر نجيلي ومروة الصباحي قدموا مجهودا وفيرا، فيما انتزع باقي الممثلين ضحكات الجمهور بقدر متساوي وخرج الناس وهم بدون ترتيب إسلام علي، محمد خليفة، محمد العتابي،علي حميدة، ، مصطفي محمد الشهير بـ "هات 200 جنيه "، فتحية للجميع على هذا العرض الرائع وأمنيات من القلب أن يستمروا في طريق خال من مطبات الإحباط

قهوة زعترة.. أن تصلي في الأقصى وأنت جالس في الفجيرة

 من القدس إلى الفجيرة حيث مهرجان الفنون جاء الممثل الفلسطيني حسام أبو عيشة ليقدم عرضه الجديد " قهوة زعترة" الذي يروي من خلاله سيرة ما حدث في القدس قبل النكبة وصولا بالنكسة مستندا إلى حكايات واقعية عايشها وحكاها والده صالح أبو عيشة العامل في قهوة زعترة التي ظلت أبوابها مفتوحة للمقدسيين بين عامي 1938 وحتى 1979.

جاء أبو عيشة من القدس لا ليروي لنا حكاياته والده قبل وبعد الإحتلال، لكن ليأخذنا جميعا ونحن جالسون في بيت المونودراما في قلب مدينة دبا بإمارة الفجيرة إلى القدس.

جمهور المهرجان الذي سيختتم فعالياته الجمعة المقبل استمتع وأنا من ضمنهم بأكثر من ستين دقيقة من الأداء التمثيلي المسرحي المبهر عبر إمكانات ممثل فذ انتزع ضحكاتهم وآهاتهم في آن واحد.

عكس معظم عروض المونودراما التي تعوض غياب تعددية الممثلين بتقنيات صوتية وبصرية، قدم أبو عيشة عرضه بدون موسيقى أو مؤثرات فنية، وبإكسسورات محدودة، طاولة وكرسي وشيشة "أرجيلة بالفلسطيني" وحقيبة وقطعة قماش استخدمها بمختلف الأشكال.

بالتأكيد رأينا القدس الآف المرات على الشاشة، كلنا يحفظ صورة المسجد الأقصى وقبة الصخرة الشهيرة عن ظهر قلب، لكننا ربما لم نسمع من قلب حكايات من قلب المدينة العتيقة بالطريقة التي سردها ابن حي القطانين والذي لم يغادر أولى القبلتين أبدا لا قبل الإحتلال ولا بعده بل وصف نفسه في الندوة التي أعقبت العرض بأنه الصبي الذي ولد متمتعا بعزة نفس زاد تمسكه بعدها بعد إحتلال يونيو 1967.

روى أبو عيشة حكايات من مروا على القهوة الشهيرة، وكيف كانت القهوة مصدر قلق لممثلي الكيان الصهيوني ويعتبرون اغلاقها صباحا بمثابة دعوة للإضراب، حث كانت القهوة تفتح أبوابها مع شروق الشمس وتغلق عصرا ماعدا في رمضان تفتح بعد المغرب وتغلق قبل الفجر.

نجح الممثل الفذ بأداءه المبهر في أن يصطحب كل من يجلس في القاعة التي امتلئت على أخرها وصفق حضورها عدة مرات خلال العرض، نجح في أن يستضيفهم ولو ذهنيا في شوارع وأزقة القدس، جعلنا نتخيل كيف كانت وعلى ماذا أصبحت وكأنه يصف لنا الطريق إلى هناك، جذب الروح المشتاقة للصلاة في المسجد الأقصى وهو يحكي لنا كيف كان والده يحرص على أداء صلاة العصر هناك بعد أن ينتهي من دوامه اليومي.

معظم عروض المونودراما ينقسم حولها النقاد، لكن العرض الفلسطيني حظى بشبه إجماع رغم أن البعض صنفه بالأقرب للستاند آب كوميدي أو فن الحكي غير أن "قهوة زعترة" تأليف وبطولة حسام أبو عيشة وإخراج كامل الباشا خرج متكاملا إلى حد بعيد وكم كان نبيلا من أبو عيشة الذي جسد في العرض قرابة 21 شخصية أن يقول للنقاد والجمهور "قيموني كفنان وليس كفلسطيني" فهو لا يريد إشادات كونه مواطن عربي يعيش تحت الإحتلال، لكن يريد أن يصنف كفنان أولا يعبر عن قضية عمره وعمر كل الفلسطينين والعرب.

أبو عيشة نال ما تمنى بحق، وشرف أهله في القدس كما وعدهم في منشور كتبه عبر فيس بوك وهو في طريقه للإمارات، تاركا ورائها أرواحا ما تزال تشتاق لشوارعها وترحل عيوننا إليها كل يوم. 



محمد عبد الرحمن يكتب : هند موسى ترند !

 

نشر هذا المقال لأول مرة سبتمبر 2018 

(1)

في حدود العاشرة مساء أمس السبت 29 سبتمبر 2018 تصدرت هند موسى قائمة الترند على موقع تويتر بعد نحو 6 ساعات على وصول خبر وفاتها الذي لا يمكن وصفه بالمشئوم، هذا الوصف يصلح للصياغات التقليدية التي اعتدنا أن نستخدمها مع الأخبار الحزينة عن المشاهير والشخصيات المسئولة والمعروفة، بالنسبة لي ولكل زملائها وأصدقاء وأحباء هند موسى، نحن أمام خبر يشبه الأسلحة الفاسدة التي سمعنا عنها في حرب 1948، خبر تفاصيله تنفجر في وجهك وأنت تكتبه، خبر يجعلك تشعر وكأن له ذراعا قوية غاشمة تقبض على عنقك تمنعك من التنفس فترسل الخبر للنشر وأنت تعاني من اختناق قد تذهب أثاره الخارجية بعد أيام فيما سيظل الجرح في القلب لا يندمل .

(2)

"يا هندو"  .. بالنطق دة اتعودت اناديها في الفترة الأخيرة، تأثرا بسامي مغاوري في مسلسل "الآبلة أطاطا" لما كان بيحط الضمة على الدال وهو بينادي هند اللي في حلقات الجاهلية، هند كان بيعجبها النداء وبتضحك حتى لو واتس آب، وبعده طبعا كنت بطلب رقم، مقدرش أفتكر حجم الأرقام المتبادلة بينا واللي عمرها ما قصرت فيها عكس صحفيين كتير، بس غالبا 95 % كنت باخد أرقام و5 % كانت بتسألني على رقم .

(3)

لا يوجد أسوأ من أن يكتب الصحفي خبرا حزينا عن زميله، نحن الذين ننتظر تغير الترند كل عدة ساعات لنجد المزيد من الشخصيات التي تستحق أو حتى لا تستحق أن نصنع عنها أخبارا وقصص، تفاجئنا هند وتصبح هي الترند لكن دون أن نحتاج لأن نطلق موضوعا بعنوان، هند موسى ترند على تويتر، تعرف على السبب، فكلنا يعرف السبب، والجمهور العادي لن يهتم، صحفية ماتت في حادث سير مؤسف، سينتهي الأمر لمن لا يعرفونها سريعا والتفاصيل غير مهمة، نحن نكتب التفاصيل عندما يكون الراحل نجما، لكن هند غيرت القاعدة دون أن تدرك، باتت هي نجمة  متوجة على قلوب كل زملائها، حتى انبهر هؤلاء الذين يسمعون اسمها للمرة الأولى من حجم الحب والحزن وعدم التصديق .

(4)

هند مكنش عندها طموح من النوع العادي، كان طموحها من النوع الصعب جدا، إنها تعيش مرتاحة البال وتعمل شغل حلو، كان رضاها عن نفسها أهم من رضا المديرين والمصادر، ودة طموح تحقيقه صعب بالمناسبة،  يمكن دة بيفسر ليه كم الحب والتقدير دة وقدرتها على تفادي أي خلاف أو  صدام مع الزملاء وأشهد أنها كانت مستعدة لانهاء أي خلاف بمجرد سماع كلمة طيبة أو لفتة محترمة .

(5)

النجوم ينعون هند موسى، لولاهم بالمناسبة لما دخل اسمها ترند على تويتر، فعندما يغرد النجوم يزداد انتشار التغريدة ويدخل الهاشتاج القائمة، صحفية لم تتجاوز الثلاثين بعد، لم تعرف طريق "السبوبات" أخلصت لجريدة التحرير حتى أصبحت رئيسا لقسم الفن، كان اخلاصها للمهنة ولمكان عملها هو باب احترام النجوم قبل الزملاء لها، فنالت كل هذا التقدير .

(6)

هند كانت بتتكسف اوي من حكاية أنها بقت رئيس قسم، كانت بتعتذر لي لما بقت متعرفش تيجي أي ايفينت انا بنظمه وتقولي هبعت لك حد، اقولها كبرتي عليا يا هند، تضحك في خجل وتقول لازم احرك المحررين اللي معايا وبقى عندي التزامات في الجرنال مقدرش انزل كل شوية، بس متقلقش يا أستاذ محمد هتابع وهينزل الشغل زي الفل، واقعيا مفيش مرة كنت قلقان على شغل يخصني مع هند موسى .


(7) 

هؤلاء الذين يقولون أنهم حفروا في الصخر حتى يصلوا لما هم فيه، لم يعرفوا شيئا عن هند موسى، خريجة كل الإعلام جامعة القاهرة 2010 ، بدأت محررة صغيرة جدا، في جريدة شهدت تقلبات كثيرة، ورحلت وقسم الفن في التحرير مربوط باسمها، هند موسى يعني التحرير ، هند كانت حتى 2013 تخجل من وضع صورتها على فيس بوك، هي أيضا عانت من التنمر – اللي بقى موضة دلوقتي- بسبب قصر القامة، لكنها قامتها المهنية طالت فوق أعناق الكثيرين، وباتت قادرة على الوصول لعدد هائل من النجوم والأخبار والأسرار، باتت لا تخجل من نشر صورتها وهي بجوار أحد النجوم بعد اجراء الحوار، وكانت تسعد كلما عاد المطبوع يخرج باسم التحرير وصفحة الفن تزينه بموضوعاتها أو تلك التي تشرف على تحريريها .

(8)

عندنا مشكلة كبيرة دلوقتي، مش مشكلة خالص مهرجان الجونة وهنروح ازاي بعد اللي حصل لاننا هنروح  كل المهرجانات والفعاليات عادي جدا شكلا، مكسورين  جدا مضمونا،  هننكسر لما نشوف صحابها جايين من غيرها، لما تقف زميلة تانية تسأل في مؤتمر صحفي وتقول أنا فلانة من التحرير، طب ومهرجان القاهرة اللي كمان شهر، يا ترى هند بعتت الجواب، طب لو الكارنيه طلع مين هيستلمه؟

(9)

هند موسى رحلت فجأة، بدون أي انذار، كانت 41 دقيقة active ago  عندما وصلني الخبر..هل لو رحت بعد مرض قصير، كان الحزن سيقل، في رأيي لا، سيناريو الرحيل عامل غير مؤثر في هذه الحالة، نحن لا نبكي وفاتها في حادث سير أيا كانت تفاصيله، لكن نبكي قيمة كانت بيننا ولم نجد الفرصة الكافية لنقول ونعلن ونصرح كم نحبك ونقدرك يا هند .

(10)

كنت خايف معرفش كالعادة أكتب، فاشل جدا أنا في وداع الأحباء، لما حميدة أبو هميلة بعتت مقال عن هند الصبح  قلت خلاص شيره وكفاية كلامها بالنيابة عننا، بس مقدرتش، حسيت ببراجماتية الصحفيين إني لو كتبت هستريح، بس محصلش يا هند، البرجماتية منفعتش، بس يارب المقال يعجب اللي ميعرفكيش ويدعي لك بالرحمة، هو طلع طويل شوية، معلش، لو مش نافع ابقى اختصريه انتي يا حبيبتي .

 

السبت، 8 أغسطس 2020

ياما في الجونة مظاليم !

 محمد عبد الرحمن

هل الجونة مهرجان فساتين وحسب؟ الإجابة بالطبع لا، الجونة منذ دورته الأولى يشهد عروضا لأفلام مهمة عربية وغير عربية، كثير منها يعرض للمرة الأولى في العالم العربي، لماذا إذن تنتشر فقط أخبار الفساتين؟ لأسباب عدة، أولها أن طبيعة المهرجان تسمح بحضور عدد كبير من النجمات بشكل يومي للمشاركة في فعاليات السجادة الحمراء لأفلام المسابقة الرسمية، وكل نجمة تحرص على ارتداء فستان جديد في كل ظهور وذلك بالاتفاق طبعا مع مصممي الأزياء وبيوت الموضة وغالبا ما تكون الفساتين ممنوحة كهدية من تلك الجهات، طبيعة المهرجان اللوجيستية وامكاناته المالية تسمح بوجود هذا العدد من النجوم يوميا، حتى لو امتلك مهرجان القاهرة تلك الإمكانات فإن مقر اقامته في دار الأوبرا لا تمنح النجوم حرية التواجد دون مضايقات بشكل يومي، ولا ننسى أن هناك من بين النجوم من هم مقيمين أصلا بالجونة، الصحافة والسوشيال ميديا سبب آخر لتصدير تلك الصورة، فالاهتمام بالفساتين بات منطقيا لأجل الترافيك والناس على التايم لاين يتربصون بكل نجمة ما بين مشيد بذوقها العالي أو منتقد لأنها ارتدت فستانا بدون حمالة صدر !، أما النقاد والمتخصصين فعادة ما يكتبون آرائهم في الأفلام بعد انتهاء الدورة، وهؤلاء يقرأ لهم المحبون للسينما وبالطبع لن يأخذوا هذه المقالات لهواة الفساتين ويقولون لهم أنتم مخطئون لقد كان في المهرجان أفلاما مهمة.

ما سبق، يؤكد الظلم الذي يتعرض له القائمون على اختيار الأفلام في الجونة ومنهم خبراء سينما عالميون، بجانب مديره انتشال التميمي ومديره الفني أمير رمسيس.


حضرت الدورة الأولى للجونة، ونصف الدورة الثالثة وأستطيع القول أن اختيارات الأفلام جيدة إلى حد كبير وأن كانت في هذه الدورة أقل مما سبق ربما لأسباب تتعلق بمستوى الإنتاج العالمي، للمهتمين بالفساتين يمكنكم اذن متابعة انستجرام واعتبار الفنانين في رحلة ترفيهية، للمهتمين بالأفلام دعني أحدثك عن مجموعة من أفضل ما رأيت من أفلام، وهي على سبيل المثال لا الحصر، الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" التجربة الأولى لمخرجه أمجد أبو العلاء والذي يؤكد أن السينما في السودان قادرة على النهوض والمنافسة، وهو مستوحى من قصة للأديب حمور زيادة، عن طفل يعيش حياة بائسة لأن أحد الأولياء "المزعومين" تنبأ بسبب "الفال" أنه سيموت عندما يبلغ العشرين، الفيلم اللبناني القصير "أمي" للمخرج وسيم جعجع يحكى عن طفل آخر، عمره 9 سنوات يفقد أمه ويناجي المسيح في الكنيسة كي يعيده إياه ولما ييأس يسرق تمثال العذراء كرهينة عنده، ومن خلال عيون الطفل ومستوى تفكيره يقدم الفيلم في أقل من 20 دقيقة كيف تتفاوت رؤيتنا للحياة حسب ما نحتاج، وأن براءة الأطفال ستظل مرحلة لا تعوض في حياة كل إنسان، فيلم " الفارس والأميرة" ورغم عرضه خارج المسابقة لكنه حالة السعادة بوجوده كانت كبيرة وأضفى حضور بطله الممثل المخضرم عبد الرحمن أبو زهرة بهجة في جنبات المهرجان لم تصل لهواة الفساتين، فيلم متعثر منذ عشرين عاما، يحكي عن البطل محمد أبو القاسم فاتح بلاد السند ومناسب جدا للأطفال وهو أول فيلم كارتون مصري طويل ويقف وراءه صاحب الحلم السينارست بشير الديك والذي شارك في إخراج الفيلم مع إبراهيم موسى ، أختم بفيلم فرنسي هو "البوساء"، في البداية ظن كثيرون أنه اعادة تقديم لقصة فيكتور هوجو الشهيرة لكن المخرج لادج لي في أول أفلامه كان يتكلم عن بؤساء أخرين، عن المهاجرين الأفارقة وغيرهم في فرنسا وكيف تعاملهم الشرطة هناك كما كان يعالم الأغنياء الفقراء في رواية هوجو ويظل المشهد الأخير في هذا الفيلم من أفضل ما شاهدت على الشاشة الفضية منذ سنوات بعيدة.

تفاصيل هذه الأفلام وغيرها موجودة على الموقع الرسمي للمهرجان، يمكن الوصول له بسهولة عبر جوجل، حيث ملخصات الأفلام وصورا منها ومعلومات عنها، الموقع سلس للغاية ومصنوع باحترافية ولن تجدوا عليه صورة فستان واحد لمن أصابتهم هذه الف

أحمد عز .. النجاح بدون مصباح علاء الدين

 

محمد عبد الرحمن   

20 عاما مرت تقريبا على دخول أحمد عز بلاتوهات السينما، كمعظم أبناء جيله لم يؤمن الوجه الجديد وقتها إلا بشباك التذاكر، ظل هذا الجيل ومن قبله لعقود يعتبر أن تاج النجومية لن يحصل عليه الفنان إلا من خلال شاشة السينما، لاحقا تغير الوضع وبات للدراما مكانتها وعاد المسرح من جديد ليصنع النجوم، فاستجاب الممثل الذي لم يعتمد طويلا على وسامته، وركب البساط السحري لعلاء الدين مقدما واحدا من أفضل العروض المسرحية في السنوات الأخيرة .

علاء الدين، المعروضة حاليا على خشبة مسرح كايرو شو الملاصق لمدينة الإنتاج الإعلامي، هي أول مسرحية في مشوار الأخ الأكبر لولاد رزق، بطل الممر والخلية، لكنها جاءت لتؤكد أن نجومية عز لم تعتمد أبدا على وسامته وجاذبيته أمام الكاميرا، بل هي خليط من كل المواصفات التي يجب أن يتمتع بها كل نجم، نجاح لم يحتاج عز للوصول له عبر مصباح سحري كالذي يغير حياة علاء الدين في الأسطورة الشهيرة، بل من خلال خبرات تراكمية وتطوير مستمر للأداء وحسن اختيار النصوص والمخرجين والأهم التوقيت، مع الوضع في الإعتبار أن عز من أقل الفنانين استغلالا لمواقع التواصل الإجتماعي للبقاء على رأس قوائم الترندات، وغير ذلك من وسائل يعتمد عليها بعد النجوم للبقاء تحت الأضواء، اجتهاد شخصي بالأساس جعله يحافظ على مكانته ويتقدم للأمام من فيلم لآخر مع تواجد محدود دراميا سيعوضه غالبا العام المقبل لو نجح مسلسل "هجمة مرتدة" فيما ربح رهان مغامرة علاء الدين.


في العرض الذي يستمر قرابة 3 ساعات، يدخل عز على الجمهور من أعلى، ويختتم مع الأميرة ياسمين عبر البساط السحري، وبين البداية والنهاية، يمثل ويرقص ويغني "صولو" ويطلق الضحكات رغم كونه محاطا بعدد كبير من نجوم الكوميديا وأسطوات المسرح.

قد أكون أطلت في الحديث عن عز لكنني أعتبرها إطالة مبررة فالعمل بالأساس يعتمد على نجوميته ورغبة الجمهور في أن يشاهدوه لايف على خشبة المسرح، غير أن المسرحية بحق خرجت لتكون عمل فني متكامل، وتنافس "الملك لير" على لقب أفضل عروض "كايرو شو" حتى الآن .

المخرج مجدي الهواري نجح في توفير كل عناصر البريق والجاذبية للعمل وتفادي مرور دقيقة واحدة تسمح للمتفرج بالانشغال بشئ آخر، وهو ما لم يحققه بنفس القدرة في أول انتاجات كايرو شو "3 أيام في الساحل"، قد يكون العيب في نص العرض الأقدم، لكن حتى نص علاء الدين لم يعتمد على الأسطورة الشهيرة فقط، بل أضاف محمد جلال وحسن الجندي الكثير من التحديثات التي تناسب العصر الحالي، وأعتقد أن نجوم الكوميديا المشاركين كانت لهم إضافاتهم أيضا التي ترسخت بمرور الوقت منذ عرضه الأول في السعودية ثم القاهرة ثم التوقف بسبب كورونا والعودة من جديد في عيد الأضحى وبات واضحا أن هناك تطوير مستمر في الحوار ليناسب الأجواء الحالية .

في البيانات الصحفية التي سبقت العرض جاء أن فريق كايرو شو سافر إلى مسارح برودواي للإطلاع والاستفادة من الإمكانات المسرحية هناك، وهي مهمة يبدو أنها نجحت بشدة، حيث استحسن الجمهور استخدام تقنية الهولوجرام وكان لشاشة السينما دور كبير في الربط بين مشاهد المسرحية، واستعراضات رشا مجدي لفتت الأنظار، كذلك الأغنيات التي اختصرت الكثير من الأحداث لكن كان واضح أن بعض الفنانين لم يحفظ الكلمات واكتفى بتسجيلها في الاستديو .

أما عن الممثلين، فمن الصعب اختيار الأفضل، الجميع أجاد، بداية من عنصر الخبرة سامي مغاوري هذا الفنان الذي تترسخ قيمته مع كل عمل جديد يشارك فيه، ومحمد ثروت الذي يصعد بهدوء للقائمة القصيرة لأفضل مضحكي هذا الجيل، فيما بات ظهور محمد جمعة من أحد مسببات الارتياح للمشاهدين، ولا أتحدث عن نفسي فقط، وهو الوحيد الذي جمع بين الإضحاك والجدية وأجاد في كلاهما، وتمتع كريم عفيفي بخفة ظل ولياقة مسرحية واضحة واندمج سريعا مع الفريق رغم أنه لم يكن ضمن التشكيل الذي لعب العرض في السعودية، وأجاد هشام إسماعيل شخصية الوزير الشرير وحقق حضورا واضحا على خشبة المسرح، فيما كانت المفاجأة من وجهة نظري تارا عماد، التي تحقق نضوجا فنيا مع كل عمل جديد، وقدمت مشاهد رومانسية واستعراضية جيدة وظهرت مناسبة للدويتو مع أحمد عز.

الأربعاء، 5 أغسطس 2020

زميلي العزيز.. إليك دليل التعامل مع المصادر المستجدة

محمد عبدالرحمن

في الفترة الأخيرة تغير الشكل التقليدي للمصدر الذي اعتاد عليه الصحفيون لفترة طويلة، كان المصدر دائمًا بشريًا، مسئولًا، فنانًا، لاعبًا، مديرًا، متحدثًا رسميًا، لكن بعد 2011 باتت صفحات المسئولين والنجوم هي التي تعبر عنهم، واستجد دون أن ندري مصادر لم يتوقع أحد منا أن يجد الصحفي نفسه يتابعها ويبحث عن أرقامها، والمقصود هنا المؤثرين كما يسمونهم أي مشاهير السوشيال ميديا، بمختلف أنواعهم، فجأة تجد نفسك تبحث عن شاب يقلد مبروك عطية، أو فتاة تدعى دينا مراجيح.

----

في زمن الصحافة المطبوعة كان رأي الجمهور يصل عبر البريد أو الهاتف أو وجهًا لوجه وبعد نزول الجريدة للسوق، الآن يعمل الصحفيون وسط "طنين" لا ينقطع من الجمهور بل ومن الزملاء أنفسهم، فبينما يتكلم البعض عن شخص مثل "دينا مراجيح" ولها كإنسانة كل الاحترام، ويرى الصحفي نفسه مطالبًا بالبحث خلفها، ثم يجد من يشده من قميصه ويمنعه حتى لا يعطي لها قيمة، هكذا بات الصحفيون مثل النادل في المطعم عليه أن يحصل على تفاصيل "الأوردر" من الزبون، ولو كان كل الزبائن بذوق واحد، ما كان في الأمر مشكلة، لكن من لا يريد أن ننشر عن دينا مراجيح ربما في منزله من يريد أن يقرأ عن كيف شاركت في المسلسل المثير للضجة، وهكذا.

-----

بالتالي فإن أي مصادرة على حرية الصحفي في التعامل مع هذه النوعية من المصادر "المستجدة" مرفوضة، لكن المطلوب هو الوصول إلى صيغة شبه نموذجية للتعامل معهم في إطار مهني معلن الحدود.

-----

- بداية هذه المصادر أصلًا معظمها لا يعرف ما هي الصحافة، بل إن بعضهم طلب مقابلًا ماديًا لقاء إجراء حوارات صحفية، بالتالي لابد من التعامل معهم رسميًا منذ البداية، وأن تشرح له طبيعة المكان الذي تمثله ولا تفترض أنه يعرف الفرق بين المحرر ومعد البرامج.

- تسجيل أي مكالمات مهمة جدًا مع هذه النوعية من المصادر لأنها تتراجع كثيرًا عما تقول.

- في واقعة دينا مراجيح تحديدًا، لم يحرص الكثيرون على معرفة اسمها الحقيقي وهو أمر مهم للأرشفة الصحفية، كذلك مدير أعمالها "طارق السفاح"، ما هو اسمه الحقيقي؟

- معظم هذه المصادر تكذب وهي لا تعلم أنها تكذب، بالتالي لابد أن يكون هناك استفهام كامل عند الخوض في أي نقاش، وعدم الاكتفاء بالحصول على رد من جملتين لنجري على "الباك إند" ونكتب "أول رد من فلان" ثم ننشر.

- صرنا مضطرين للاطلاع ولو من بعيد عن العوالم التي جاء منها هؤلاء، وكيف يصنعون الجمهور عبر تيك توك وخلافه حتى نفهم دوافعهم وإلى أين تتجه تصريحاتهم ومن تستهدف ولا نكون كمن ينقل كلامًا لا يفهم منه شيء.

- البند الأخير والأهم، الصحفي هو الذي يحدد أهمية المصدر، والمستجدون عندما يعرفون أهمية أضواء الميديا يحرصون على البقاء أسفلها بأي ثمن، هذا فخ يجب ألا نقع فيه، فلان اشتهر بالتقليد، فلانة بالمراجيح، كتبنا عنهم مرة ومرتين، شكرًا، لا يعني الالتفات لهم كثيرًا، خصوصًا لو تأكدنا أنهم من يثيرون الغبار، حتى لا نقع في فخ المصادر المستجدة.

نقلا عن صفحة ميديا لانسر




مُلخص الكلام عن فيلم صاحب المقام

محمد عبد الرحمن 

دخل فيلم "صاحب المقام" تاريخ السينما المصرية من باب غير مرتبط بالمحتوى أو تفاصيل العمل نفسه، فقد أصبح أول فيلم مصري يعرض عبر منصات المشاهدة حسب الطلب وبالفعل انطلق قبل ساعات على منصة شاهد vip التابعة لمجموعة mbc  الإعلامية واسعة الإنتشار، ليمكننا القول بأن للشريط من روحه نصيب، فالفيلم كان من المقرر عرضه لأول مرة في يناير الماضي ليتأجل لموسم ما بعد عيد الفطر، ثم جاء يد كورونا وأظلمت مصابيح دور السينما، ليتلقى منتجه أحمد السبكي عرضا لم يرفضه من منصة شاهد، ليذهب الشريط في إتجاه مختلف كما فعل البطل "يحيي حسين الرمالي" عندما غير كل مساراته إثر إصابة زوجته بنزيف مفاجئ في المخ بعد أيام من هدمه ضريحا لولي يدعى "سيدي هلال" منتصرا للمادة على الروح، ضاربا بكل التحذيرات عرض الحائط.

 

بدون أي حرق للأحداث، فيما يلي أبرز الملاحظات الناتجة عن أول مشاهدة للفيلم  وأقول الأولى، لأنه رغم افتقاد  مقعد السينما وعبوة البوب كورن، لكن تظل لمنصات المشاهدة ميزة إمكانية إعادة الفرجة في وقت قصير والتحقق مما قد فات المتابع من تفاصيل.

 

·       الفيلم يتحدث عن تأثير الصوفية وأولياء الله في المصريين، وهو بالفعل موضوع جديد تماما يستحق الإهتمام، وفي نفس الوقت نحن أمام فيلم إجتماعي مناسب للأسرة العربية ويحكى "حدوتة" بسيطة من خلال رحلة البطل الروحية لانقاذ زوجته بعدما صدق أن الإنقاذ لن يكون طبيا فقط.

·       إبراهيم عيسى في ثالث أفلامه يتفادى لأول مرة الاتهام المتكرر بأنه يكتب ليضع كلامه الشخصي على ألسنة الأبطال، فالتجربة الثالثة مختلفة كثيرا عن "مولانا" و"الضيف" وتقديري أن الأعمال المقبلة للكاتب الكبير ستذهب في إتجاهات أكثر تنوعا مع الإحتفاظ بميزة تقديم قصص وشخصيات غير محروقة سينمائيا، حتى الآن عيسى لا يعيد نفسه وغير متأثر بسينمائيين سبقوه إلى بلاتوهات الفن السابع.

·       العنصر الوحيد المشترك بين "الضيف" و" صاحب المقام" هو اسم البطل "يحيي حسين" مع اختلاف العائلة بين "التيجاني" و" الرمالي" .

·       الفيلم هو الثالث للمخرج محمد جمال العدل في 10 سنوات، ومن خلال" صاحب المقام" يخطو "ماندو" خطوات واسعة للأمام كمخرج سينمائي خطفته الدراما كثيرا، نجح العدل في الحفاظ على إيقاع الأحداث مشدودا طوال الـ 100 دقيقة، رغم كثرة التفاصيل والشخصيات والانتقال بين المستشفى حيث زوجة البطل ومكتبه وباقي الأماكن التي ذهب إليها لحل المشاكل التي بالجوابات. 

·       موسيقى الفيلم أحد عناصر جاذبيته وقدمها خالد الكمار دون التأثر بموسيقى صوفية شهيرة، كنت أتابع الحوار وأجد الموسيقى تشدني بدون صخب وكأنها رسالة للبحث عن صاحبها ولم أندهش أنه الكمار الذي قدم العديد من الأعمال المميزة في الأونة الأخيرة، كما أضاف صوت وائل الفشني الكثير للأحداث.

·   كادرات مدير التصوير الفنان سامح سليم ومهندس الديكور رامي دراج ومعه مونتير الفيلم رانيا المنتصر بالله، ساعدوا عيسى وماندو في تقديم رؤيتهما للحالة العامة للأحداث والتداخل بين الطبقات والفئات الاجتماعية دون أدنى شعور بالاستسهال أو التكرار، ومستوى الإنتاج بشكل عام يحسب للمنتج أحمد السبكي

·       آسر ياسين يعود لـ"يحيي" مرة آخرى، لكنه ليس "يحيي" الذي يجد رسالة في البحر يبحث عن معناها، وإنما "يحيي" الذي لم يكن يؤمن بالرسائل والعلامات، بذل ياسين مجهودا واضحا في أداء الشخصية وأعتقد أنه كان الخيار الوحيد والأفضل لهذا الدور.

·       يسرا ليست بطلة العمل بل سيحتار المشاهد إذا كانت "روح" حقيقية أم متخيلة، خصوصا مع الإفراط في ظهورها للبطل في كل مكان يذهب إليه لحل مشكلة، رغم ذلك فإن النجمة الكبيرة إضافة قوية للفيلم، إضافة تؤكد أن خبرة الممثل الحقيقية تظهر في اختياراته، وليس في قياس مساحة الدور بالمازورة.

·       لفتة عظيمة طبعا أن يتصدر اسم يسرا التتر رغم أن البطولة لآسر ياسين وكان من الممكن كتابته بطريقة تناسب اسمها لكن حسب ما علمت فأن ياسين هو الذي طلب ذلك بنفسه تقديرا لمكانتها الفنية الكبيرة.

·       لا أعرف رد فعل بيومي فؤاد عندما عرض عليه لأول مرة أن يظهر كتوأم وكأن انتشاره بات أيضا داخل العمل نفسه، لكنه كالعادة أجاد في الشخصيتين اللتين عكستا تناقض النفس البشرية، وكان مصدر الضحك في الفيلم .

·       أمينة خليل لم تحظى بمساحة تكفي للحكم على قدراتها كممثلة تتطور باستمرار، لكن اختيارها جاء موفقا  كونها الشخصية التي يتسبب غيابها في عودة البطل إلى نفسه.

·       في الفيلم نوعان من ضيوف الشرف، من يظهر في لقطة أو مشهد، ومن يستمر بعد الوقت مع البطل، من الصعب التفضيل بينهم فكلهم نجوم كبار قدموا أفضل ما لديهم، لكن الظهور الأخير للراحل إبراهيم نصر كان بمثابة مشهد وداع رفيع المستوى بينه وبين الجمهور.

·       إيمان السيد كالعادة قنبلة ضحك، رغم ظهورها الخاطف، وفي رأيي أن عليها تشكيل دويتو مع محمد ثروت تحديدا حيث التناغم بينهما واضح على الشاشة وفي أكثر من عمل.

·       رغم أن طبيعة الفيلم تعتمد على أن المنطق وتسلسل الأحداث في حياة الإنسان لا يمكن أن يسير كما هو طوال الوقت، لكن صناعه حرصوا على ربط الأحداث تمهيدا للوصول لمشهد المواجهة بين أسر ياسين ومحمد لطفي لانقاذ الفتاة "أمل" غير أنني لم أقتنع بخط "محسن محيي الدين" بالكامل، رغم تبرير تصرفاته بصداقته بالأب، ثم اقتناعه المفاجئ بأن آسر ياسين هو من سينقذ الفتاة وتفكيره في كتابة خطاب بسرعة، كل هذا افتقد للاقناع من وجهة نظري، رغم أننا اقتنعت مثلا بصفعة هالة فاخر وكونها واردة الحدوث.

·       كان مهما أن ينتهي الفيلم بارسال البطل نفسه جوابا للإمام الشافعي، وإلا كانت الجوابات الجديدة ستذهب لعنوان يحيي حسين الرمالي أو آسر ياسين نفسه.

أخيرا .. بعد دقائق من بداية العرض الأول للفيلم عبر شاهد التي وفرت له حملة دعاية غير مسبوقة، أعلنت احدى منصات قرصنة الأفلام عن توافر الفيلم لديها، لأجدنى أسمع آسر ياسين بعد سرقة حذاءه في مسجد الحسين " والحسين يزعل مني ليه ما يزعل من اللي سرق الفيلم" .