الأحد، 17 يوليو 2022

كاليجولا يبحث عن مسرح !

 استراحة مشاهد .. محمد عبد الرحمن 

يبدأ العرض المسرحي "كاليجولا" من مشهد عودة الأمبراطور الروماني الأشهر في التاريخ إلى القصر وقد قرر الحصول على القمر، طلب مستحيل بالقطع لكن جنون وغطرسة وغباء هذا الإمبراطور لم تمنعه طوال 4 سنوات من قهر سكان روما والسعي نحو اللا معقول، لكن اللامعقول يتكرر الآن على المسرح العائم بالمنيل، حيث تعرض فرقة مسرح الشباب "كاليجولا" باللغة العربية الفصحي على خشبة لا تناسب طبيعة العرض ولا حجم الجهد المبذول فيه .


لا شك أن المخرج سامح بسيوني مدير الفرقة، وإدارة المسرح وفرت ما تملكه من إمكانات من أجل خروج العرض للنور، لكن سؤالا أثق أن د.إيناس عبد الدايم  ستطرحه على نفسها لو شاهدت العرض دون أن تنتظر هذا المقال، كيف يقدم البيت الفني للمسرح عرضا يتمتع بتلك المكانة في قائمة مسرحيات القرن العشرين، ويحمل اسم ألبير كامو، ولا يجد طريقه منذ البداية للمسرح القومي المختص بالأساس لهذه النوعية من العروض، وإن كان مشغولا بعروض أخرى منذ بداية العام قد تأت فرصة لاحقة لتقييم مستواها تحت الإدارة الحالية، فإن مسرح الجمهورية الذي شهد عرض الملك لير في نسخته الأولى سيرحب بكاليجولا وتفاصيله المتعلقة بالديكور والإضاءة والصوت الذي يعاني من التشويش  بسبب عدم جهوزية المسرح العائم لأسباب فنية يعرفها جيدا القائمون عليه .



حتى يشاهد من بيده الأمر "كاليجولا" ، فالإشادة واجبة بفريق العمل ككل لامتلاكهم شجاعة تقديم عرض كلاسيكي باللغة العربية الفصحى ، خصوصا وأن أبرز عناصر العرض من الشباب المحسوب على الأعمال التجارية وتحديدا الكوميدية ، والبداية كانت مع معد ومخرج العرض محمد عز الدين، الذي عرفناها مؤلفا لمجموعة كبيرة من الأعمال الكوميدية ابرزها سلسلة "الكبير قوي" لكنها احترم بشدة نص ألبير كامو وترجمة رمسيس يونان وقدم "كاليجولا" سابحا عكس تيار يفضل الأعمال الكوميدية الجماعية حتى على خشبة مسرح الدولة ليحتضن المسرح المستقل فقط العروض المغايرة، وهو ما يؤكد أن إرادة الفنان أساسية في تحقيق أفكاره، والاستسلام للسائد لا ينتج أعمالا تعيش ، ويؤكد ذلك إجابة على سؤال مطروح على طاولة مسرح الدولة، هل عروض مثل "هاملت بالمقلوب" و" كاليجولا" جاءت ضمن استراتيجية معدة مسبقا للانتاج الرسمي للمسرح في مصر، أم تقدم بها صناعها وتحملوا كل العقبات حتى تخرج العروض للنور بأقل قدر من الدعاية والتفاصيل الانتاجية اللازمة؟

 (بالمناسبة حتى عرض هاملت بالمقلوب يحتاج إلى اعادة نظر بسبب طبيعة خشبة المسرح ولنقل هنا إن وزارة الثقافة تحتاج إلى مراجعة إمكانات كل المسارح التابعة لها المفتوح منها والمغلق لأجل غير مسمى) .


أعود إلى عز الدين و"كاليجولا" وأختلف معه في افتقاد العرض للخروج عن النص، بالتأكيد هو حر في قراره الالتزام الكامل بما كتبه كامو، لكن جمهور 2022 يحتاج أحيانا إلى التخفيف من حدة الحوار بالفصحى وأن يلاحظ اسقاطات تناسب حياته اليومية حتى لا يتعامل مع العرض وكأنه فقط مشاهدة لنص شهير بعيدا عن الزمن الحاضر،فيما نقطة الاتفاق الأكبر في تكوينه لفريق من الممثلين على رأسهم محمد علي رزق  الذي دخل بتجسيده لشخصية كاليجولا قائمة الممثلين الكبار الذين تصدوا بشجاعة لشخصيات مسرحية صعبة، وأتمنى أن يكرر التجربة كل فترة لأن سيرته الفنية تستحق أن تتملأ بتلك التجارب، ومعه كتفا إلى كتف محمد أوتاكا في شخصية "شيريا"  والذي فاجئني بالتزامه التام بالنص بدون "إيفيهات" معبرا عن قدرات تمثيلية قد لا تمنحه الأدوار الكوميدية الفرصة الكاملة لاظهارها على شاشة التلفزيون، لبني طارق في شخصية "  سيزونيا  " قدمت أداء طيبا للغاية، وسعدت بالتعرف على ممثل متميز هو  محمد العربي في شخصية  "هيليكون " والممثل الصاعد خالد الشامي "سييبون" ونهاد نزيه "رئيس الديوان" الذي شاهدته من قبل في "حملة فريزر"، بالإضافة إلى شريف نبيل "ميريا" وأحمد لطفي "ليبيدوس" ومصطفى صديق "ميسيوس"، وأخيرا محمد حسن " الشريف العجوز" أو عزيزتي كما كان يناديه كاليجولا. 




ليست هناك تعليقات: