الأربعاء، 21 مايو 2008

محمود سعد: هذه حكايتي مع حزب الله!


ما إن أبدى محمود سعد على هواء «البيت بيتك» تعاطفاً مع قوى المعارضة اللبنانية خلال الحوادث الأخيرة، حتى انفتحت أمامه، في الصحافة الرسميّة، أبواب جهنّم... فكيف تهاجم وسائل حكومية برنامجاً يُعرض على تلفزيون الدولة؟ وبماذا يردُّ الإعلامي المصري؟

لسنوات طويلة، ارتاح رجال الأمن في التلفزيون المصري من زحمة البسطاء الذين كان يتوافدون إلى مبنى “ماسبيرو”، في انتظار أيّ مذيع قد يعلن في برنامجه عن قدرته على مساعدة المحتاجين. الظاهرة التي اختفت لفترة، عادت وبقوة خلال العامين الماضيين، مع فارق كبير هو أن المذيع هذه المرة ليس من أبناء التلفزيون. كما أن كل التقارير الصحافية التي رصدت عودة “الغلابة” إلى أبواب “ماسبيرو” أكدت أن هذا المذيع لم يهرب ممن يحتاج إلى مساعدة، كما كان يفعل زملاؤه السابقون... هذه الصورة، على الرغم من إنسانيتها، وعلى الرغم من أنها مرتبطة بنجاح برنامج تلفزيوني على الشاشة الحكومية هو “البيت بيتك”، لم تحم البرنامج ولا مقدّمه محمود سعد من طعنات جاءت كلها من صحف حكومية، بشكل يعكس تخبّطاً لا مثيل له بين وسائل الإعلام التابعة للحكومة المصرية.أن تهاجم الصحف مذيعاً فهذا أمر طبيعي، وخصوصاً إذا كان برنامجه يعرض على شاشة حكومية. وبالتالي، ستتربص به صحف المعارضة، كاشفةً الوسائل التي يتّبعها لتجميل صورة الحكومة. لكن العكس هو ما يحدث مع محمود سعد و“البيت بيتك”. فالصحافي المصري الذي ظلّ مدة طويلة محرراً فنياً مرموقاً، تحوّل إلى حالة إعلامية خاصة. وما الهجوم الذي يشنّ عليه كل فترة سوى دليل على أن الإعلام الرسمي بات “ينقلب على نفسه”، ليقف القارئ والمشاهد حائرين لا يعرفان إن كانت هذه الصحف وتلك البرامج، مع أو ضد الحكومة. أما العالمون ببواطن الأمور، فهم فقط من يرى في تلك الحالة انعكاساً لطبيعة المرحلة التي يعيشها النظام المصري في الوقت الراهن. ذلك أن الصحف الحكومية بقيت ملتزمة طويلاً الخط العام للإعلام الرسمي الذي قاده على مدى عشرين عاماً صفوت الشريف، أقوى وزير إعلام مصري بعد ثورة 23 يوليو. لكن تولّي الشريف رئاسة مجلس الشورى، غيّر كثيراً من قواعد اللعبة، ولم يعد التناغم سيد الموقف في الإعلام الحكومي، على الرغم من أن هذا الإعلام يحتاج إلى الكثير من التكاتف. في أيام الشريف، كان التلفزيون المصري هو السيد دون منافسة، ولم تظهر الأخطار الخارجية إلا في السنوات الأخيرة لولايته. خرج صفوت الشريف من التلفزيون تاركاً مدينة الإنتاج الإعلامي وشركة “نايل سات” وعشرات القنوات التي يجري حالياً التخطيط لإغلاق معظمها. فيما لم يفلح ممدوح البلتاجي، أو الوزير الحالي أنس الفقي، في “لم الشمل”. وبالتالي، بات سهلاً أن نرصد هجوم صحافة الحكومة على تلفزيون الحكومة، وخصوصاً برنامج “البيت بيتك” ومذيعه الأول محمود سعد الذي ينتظره البسطاء يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع. وأخذت صحيفتا “روز اليوسف” و“الجمهورية” مهمة الهجوم على التلفزيون الحكومي، وعلى قطاع الأخبار الذي شهد تطوراً كبيراً لم يرضِ صحافيي الحزب الوطني... وكثيراً ما يلتزم التلفزيون الصمت أمام انتقادات الصحافة الحكومية، منعاً لنشوء “حرب أهلية إعلامية”.أخيراً، شنّت “روز اليوسف” هجوماً حاداً وعنيفاً، وصل حد التجريح الشخصي، على محمود سعد الذي بات من الوجوه الإعلامية التي يحق لها أن تفرض شروطها على جهة الإنتاج. وبات واضحاً ــــ بعد استمرار تعاونه مع شبكة mbc ــــ أن استمراره في “البيت بيتك” يرتبط برغبة منتج البرنامج محمود بركة، أكثر من رغبة سعد في استلام هذه المهمة.أما حملة الهجوم الأخيرة، فكانت بسبب ما رأته “روز اليوسف” مساندة من محمود سعد لـ“حزب الله” والمعارضة في بيروت لدى تناوله الحوادث اللبنانية الأخيرة. ذلك أنه في البرنامج أعلن عن إعجابه بشخصية السيد حسن نصر الله، كما أبدى تعاطفاً مع مطالب قوى المعارضة في لبنان، من دون أن يعلّق عليها سياسياً. إذ حاول فقط نقل آراء الشارع المصري الذي يعدّ البرنامج مرآة له.أداء سعد جاء مغايراً لتامر أمين، المذيع الثاني للبرنامج، والملتزم دائماً خط الحكومة. حتى إن بعض الصحف المستقلة وصفت هذا الأخير بالاستفزازي، لكونه يدافع عن الحكومة أكثر من وزرائها. “روز اليوسف” فتحت ملف محمود سعد وتعجّبت من الحرية التي ينالها، لكونه أحرج مسؤولين عديدين على الهواء من قبل. كما انتقدت “مكافأته” من جانب الوزير أنس الفقي بالظهور معه في “البيت بيتك”، وهو ما عدّته الصحيفة موقفاً ملتبساً لوزير الإعلام، يحتاج إيضاحات... أما سعد، فأكد لـ“الأخبار” أن الحملة الأخيرة ليست “نقداً” بل “شتيمة”، رافضاً التعليق عليها. كما تساءل عن مبررها لدى من يطلقون “الشتائم” ضده.ورفض الإعلامي الذي يقدم فقرة للشكاوى والتبرعات مرتين أسبوعياً، الاتهام بكونه يتجاوز الحدود في حواراته مع الوزراء، مؤكداً أنه يمارس عمله كإعلامي في ظل سقف الحرية المتاح في البرنامج الشهير. وبالتالي، لا يجب أن توجه الانتقادات إليه وحده، ما دام الوزراء أنفسهم لم يشتكوا، “إلا إذا كانت هناك غاية في نفس يعقوب”. واستبعد أن تؤدي الحملة إلى الانتقاص من المساحة المتاحة له داخل “البيت بيتك”، وخصوصاً أنه ما زال يسير على مبدأ استعداده للرحيل في أي وقت، ليس فقط لضمانه وجود عروض بديلة، ولكن لأنه وصل إلى مرحلة من الشهرة والحضور الإعلامي تجعله يرغب، باستمرار، في الحصول على قسط من الراحة.وعن موقفه من “حزب الله” والمعارضة اللبنانية، أكد سعد مجدداً إعجابه بالأمين العام لـ“حزب الله”، مبدياً تعاطفه مع مطالب المعارضة، ورافضاً من جديد الدخول في الزواريب الضيّقة للسياسة اللبنانية.
محمد عبد الرحمن

نقلاً عن جريدة الأخبار اللبنانية.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

موضوع جميل وانا متعاطف مع محمود سعد