الاثنين، 24 أغسطس 2020

محمد عبد الرحمن يكتب : هند موسى ترند !

 

نشر هذا المقال لأول مرة سبتمبر 2018 

(1)

في حدود العاشرة مساء أمس السبت 29 سبتمبر 2018 تصدرت هند موسى قائمة الترند على موقع تويتر بعد نحو 6 ساعات على وصول خبر وفاتها الذي لا يمكن وصفه بالمشئوم، هذا الوصف يصلح للصياغات التقليدية التي اعتدنا أن نستخدمها مع الأخبار الحزينة عن المشاهير والشخصيات المسئولة والمعروفة، بالنسبة لي ولكل زملائها وأصدقاء وأحباء هند موسى، نحن أمام خبر يشبه الأسلحة الفاسدة التي سمعنا عنها في حرب 1948، خبر تفاصيله تنفجر في وجهك وأنت تكتبه، خبر يجعلك تشعر وكأن له ذراعا قوية غاشمة تقبض على عنقك تمنعك من التنفس فترسل الخبر للنشر وأنت تعاني من اختناق قد تذهب أثاره الخارجية بعد أيام فيما سيظل الجرح في القلب لا يندمل .

(2)

"يا هندو"  .. بالنطق دة اتعودت اناديها في الفترة الأخيرة، تأثرا بسامي مغاوري في مسلسل "الآبلة أطاطا" لما كان بيحط الضمة على الدال وهو بينادي هند اللي في حلقات الجاهلية، هند كان بيعجبها النداء وبتضحك حتى لو واتس آب، وبعده طبعا كنت بطلب رقم، مقدرش أفتكر حجم الأرقام المتبادلة بينا واللي عمرها ما قصرت فيها عكس صحفيين كتير، بس غالبا 95 % كنت باخد أرقام و5 % كانت بتسألني على رقم .

(3)

لا يوجد أسوأ من أن يكتب الصحفي خبرا حزينا عن زميله، نحن الذين ننتظر تغير الترند كل عدة ساعات لنجد المزيد من الشخصيات التي تستحق أو حتى لا تستحق أن نصنع عنها أخبارا وقصص، تفاجئنا هند وتصبح هي الترند لكن دون أن نحتاج لأن نطلق موضوعا بعنوان، هند موسى ترند على تويتر، تعرف على السبب، فكلنا يعرف السبب، والجمهور العادي لن يهتم، صحفية ماتت في حادث سير مؤسف، سينتهي الأمر لمن لا يعرفونها سريعا والتفاصيل غير مهمة، نحن نكتب التفاصيل عندما يكون الراحل نجما، لكن هند غيرت القاعدة دون أن تدرك، باتت هي نجمة  متوجة على قلوب كل زملائها، حتى انبهر هؤلاء الذين يسمعون اسمها للمرة الأولى من حجم الحب والحزن وعدم التصديق .

(4)

هند مكنش عندها طموح من النوع العادي، كان طموحها من النوع الصعب جدا، إنها تعيش مرتاحة البال وتعمل شغل حلو، كان رضاها عن نفسها أهم من رضا المديرين والمصادر، ودة طموح تحقيقه صعب بالمناسبة،  يمكن دة بيفسر ليه كم الحب والتقدير دة وقدرتها على تفادي أي خلاف أو  صدام مع الزملاء وأشهد أنها كانت مستعدة لانهاء أي خلاف بمجرد سماع كلمة طيبة أو لفتة محترمة .

(5)

النجوم ينعون هند موسى، لولاهم بالمناسبة لما دخل اسمها ترند على تويتر، فعندما يغرد النجوم يزداد انتشار التغريدة ويدخل الهاشتاج القائمة، صحفية لم تتجاوز الثلاثين بعد، لم تعرف طريق "السبوبات" أخلصت لجريدة التحرير حتى أصبحت رئيسا لقسم الفن، كان اخلاصها للمهنة ولمكان عملها هو باب احترام النجوم قبل الزملاء لها، فنالت كل هذا التقدير .

(6)

هند كانت بتتكسف اوي من حكاية أنها بقت رئيس قسم، كانت بتعتذر لي لما بقت متعرفش تيجي أي ايفينت انا بنظمه وتقولي هبعت لك حد، اقولها كبرتي عليا يا هند، تضحك في خجل وتقول لازم احرك المحررين اللي معايا وبقى عندي التزامات في الجرنال مقدرش انزل كل شوية، بس متقلقش يا أستاذ محمد هتابع وهينزل الشغل زي الفل، واقعيا مفيش مرة كنت قلقان على شغل يخصني مع هند موسى .


(7) 

هؤلاء الذين يقولون أنهم حفروا في الصخر حتى يصلوا لما هم فيه، لم يعرفوا شيئا عن هند موسى، خريجة كل الإعلام جامعة القاهرة 2010 ، بدأت محررة صغيرة جدا، في جريدة شهدت تقلبات كثيرة، ورحلت وقسم الفن في التحرير مربوط باسمها، هند موسى يعني التحرير ، هند كانت حتى 2013 تخجل من وضع صورتها على فيس بوك، هي أيضا عانت من التنمر – اللي بقى موضة دلوقتي- بسبب قصر القامة، لكنها قامتها المهنية طالت فوق أعناق الكثيرين، وباتت قادرة على الوصول لعدد هائل من النجوم والأخبار والأسرار، باتت لا تخجل من نشر صورتها وهي بجوار أحد النجوم بعد اجراء الحوار، وكانت تسعد كلما عاد المطبوع يخرج باسم التحرير وصفحة الفن تزينه بموضوعاتها أو تلك التي تشرف على تحريريها .

(8)

عندنا مشكلة كبيرة دلوقتي، مش مشكلة خالص مهرجان الجونة وهنروح ازاي بعد اللي حصل لاننا هنروح  كل المهرجانات والفعاليات عادي جدا شكلا، مكسورين  جدا مضمونا،  هننكسر لما نشوف صحابها جايين من غيرها، لما تقف زميلة تانية تسأل في مؤتمر صحفي وتقول أنا فلانة من التحرير، طب ومهرجان القاهرة اللي كمان شهر، يا ترى هند بعتت الجواب، طب لو الكارنيه طلع مين هيستلمه؟

(9)

هند موسى رحلت فجأة، بدون أي انذار، كانت 41 دقيقة active ago  عندما وصلني الخبر..هل لو رحت بعد مرض قصير، كان الحزن سيقل، في رأيي لا، سيناريو الرحيل عامل غير مؤثر في هذه الحالة، نحن لا نبكي وفاتها في حادث سير أيا كانت تفاصيله، لكن نبكي قيمة كانت بيننا ولم نجد الفرصة الكافية لنقول ونعلن ونصرح كم نحبك ونقدرك يا هند .

(10)

كنت خايف معرفش كالعادة أكتب، فاشل جدا أنا في وداع الأحباء، لما حميدة أبو هميلة بعتت مقال عن هند الصبح  قلت خلاص شيره وكفاية كلامها بالنيابة عننا، بس مقدرتش، حسيت ببراجماتية الصحفيين إني لو كتبت هستريح، بس محصلش يا هند، البرجماتية منفعتش، بس يارب المقال يعجب اللي ميعرفكيش ويدعي لك بالرحمة، هو طلع طويل شوية، معلش، لو مش نافع ابقى اختصريه انتي يا حبيبتي .

 

ليست هناك تعليقات: